ترقية

الأحد، 17 مايو 2020

العلاقة بين الأم و صغارها الجدد : الكلاب نموجا .




يعتبر تمام عملية الولادة بداية لعلاقة أطرافها الأم و صغارها ، و تشتمل هذه العلاقة علي ثلاثة محاور وهي : 
- سلوك الاهتمام من قبل الأم تجاه صغارها .
- سلوك طلب الاهتمام من قبل الصغار .
- أنشطة الصغار و أصواتهم.

أما في السلوك الأول فتتحرك الأم بدافع من عاطفة الأمومة الغريزية لديها لتمارس التزاماتها نحو صغارها و تبدأ بلعق أجسادهم ما يوفر لهم ثلاث مزايا أو قل ثلاث ضرورات وهي إعطاء الحيوان رائحة مميزة لجسده تكون موجودة في لعاب الأم ما يمكنها من التعرف علي صغارها ، هذه فائدة ، أما الثانية أن اللعق يوجه الصغار لأماكنهم ؛ إذ أن أداء هذه المهمة بواسطة الأم مباشرة - أي أن تحملهم الأم لأماكنهم - نادر حدوثه من الكلاب ، و أما الاخيرة فتحفيز الصغار للأكل ، و التبول ، و التبرز .
و بمناسبة اللعق فلقد كان شائعا في بعض المجتمعات أن تقوم الأم بملامسة بشرة المولود بلبن من صدرها و كان من أهداف ممارسة ذلك الطقس تهذيب شعر الوجه ، و تقليل كثافته بالنسبة للأنثي ، و ربما ما زالت هذه العادة موجودة.

و أما عن سلوك طلب الاهتمام من قبل الصغار فيسلكونه ليسترعوا انتباه الأم و لهم في ذلك وسائل و أساليب متعددة منها إصدار الصوت ، و الاقتراب من الأم و كأنهم يقولون " نحن هنا " .

و تمارس الأم بعد الولادة عدة أنشطة تخص صغارها فيضاف إلي ما ذكر سابقا أنها تسعي للتخلص من المشيمة عبر تمزيقها و أكلها ، و تقوم بقطع الحبل السري الواصل بينها و بين صغيرها ، و تزيل السوائل العالقة في رأسه و أنفه ، ثم هي لا تنسي أن تنظف نفسها أيضا . و هي تفعل كل ذلك مع ما مات  منهم أيضا إلا أن برودة أجسادهم بعد موتهم تخبرها عن موتهم فتشرع حينئذ في التخلص منهم.

ثم إلي المحور الثالث و هو بخصوص نشاط الصغار و أصواتهم ، إذ نجد أن أنشطتهم و حركتهم تكون محدودة فنطاقها بعض البوصات  فقط ، و نادرا ما يتحركون بواسطة الأم .  و يمكنهم تحريك الرأس من جهة لأخري .
و حركتهم تتأثر بالحرارة فهم ينجذبون لمصادر الحرارة و يبتعدون عن مصادر البرودة و لهم في ذلك أنوفهم يستشعرون بها الحرارة.
و عندما تلعق أمهاتهم أجسادهم فإن حركتهم تكون في عكس اتجاه الشعر و في عكس اتجاه الضغط الناتج عن احتكاك اللسان بالجسم .
و أما عن الأصوات فنجد أنه بمقدورهم إصدارها بعد الولادة بفترة من دقيقة الي أربع دقائق . و الصوت كالحركة في تأثرها بالحرارة ، فعندما يكون الصغار في حالة دفئ يقل الأنين بل هو مثل الحركة في تأثرها بالأم فنري أن الأنين يقل  أثناء رعاية الأم لهم ، علي أنه في بعض الأحيان تكون الأم هي سبب المشكلة كأن تكون جالسة فوق أحدهم فتصدر عنه صرخات تتجاهلها الأم و لا تستجيب لها ، فما يغير من  ذلك إلا أن تراه أمه أو تشعر به من تحتها .
كما أنها لا تشعر بأنينهم إذا كانوا خارج نطاق رؤيتها .

ولعل  مما يستفاد من هذا الأمر أن الغرائز الداخلية سواء كانت في الإنسان أو الحيوان تكون هي المحرك لما يخرج عنهما من تصرفات و سلوكيات ، و لعل هذه الغرائز تكون كفيلة بإحداث التوازن و تيسير الأحداث ، فالأم بغريزتها تسد احتياج أبنائها ، و الأبناء بدورهم يستدعون الأم للقيام بمهامها منطلقين إلي ذلك من غريزتهم ، و الغريزة الداخلية هي التي تدفع الكائن إلي طلب المساعدة أو التعبير عن احتياجه لها ثم هي التي تدفع الأم للاستجابة ، فالغريزة قادرة علي بناء منظومة و الأهم أن كل هذا يحدث طواعية لا كراهية ما يضمن الاستمرارية  .

السبت، 16 مايو 2020

لغة الوجوه بين الإنسان و الحيوان .




يوجد في الكثير من كتب علم النفس للإنسان عنوان خاص تحت إسم " لغة الوجوه " ، و لا  يقتصر الأمر علي الإنسان فقط ؛ إذ أن تعبيرات الوجه عند الحيوانات تشكل أيضا ما يعرف ب "لغة الوجوه" ، و هي انعكاس للحالة المزاجية للحيوان و تأثره بالوسط المحيط و تفاعلاته معه . 

و لو أخذنا القطط نموذجا للإطلالة علي لغة الوجوه في الحيوانات فإننا نقسمها إلي أربعة أقسام هي ما يتعلق بالرأس ، و العينين ، و الأذنين ، و الفم أو الشارب فهؤلاء يكونون معا لغة الوجوه كإحدي حلقات لغة الجسد و إننا نهدف من مناقشة هذا الموضوع أن نزيل اللبس الحاصل عند كثير من الناس تجاه الحيوانات فهم يمتلكون صورة ذهنية خاطئة جدا حول الحيوان ، و أن نبدله بالواقع الحقيقي في البيئة الحيوانية .

و لغة الوجوه مرآة تعكس حالة الحيوان تماما كما الحال في الإنسان ؛ فتعبيرات الوجه كاشفة لما مخبأ في القلب و تحت اللسان ؛ فما يحاول الإنسان أن يمنع خروجه عبر الكلمات ينفلت إلي الوجه ، و يصبح كل غامض واضحا من حزن و فرح ، و دهشة و استغراب ، و حب و كره . 
و من هنا كانت جديرة لدي الناس أن تستخدم لفهم بعضهم البعض و كذلك توقع ردة فعلهم بما يبدو عليهم بعد سماع خبر أو رؤية حدث . و هي مما لا يمكن لأحد ان يخفيه أو يتحكم به و إلا صارت مغلفة بالتكلف و الاصطناع ، و في شبه ذلك قالوا قديما عن الكلام  " لا يمكن استرجاع بوادره و لا يقدر علي رد شوارده " ، و لئن قيلت في الكلام إلا أنها تصلح أيضا في هذا المحل ثم أنه ليس من المبالغة أن نعتبر لغة الوجوه كلاما في عالم الذين لا ينطقون .
و كثيرا ما تكون تعبيرات الوجه أداة للتقريب و لا يحتاج معها لإشارة أو كلام ؛ فبمجرد النظر إلي وجه الشخص الذي تجلس معه تستطيع أن تفهم الجو العام لحالته و حينها تعرف ما ينبغي أن تفعله أو ألا تفعله في جلستك و حوارك معه و أيضا لاحقا ، و هي بذلك توفر علي الناس الوقت و الجهد الذي لولاها لبذلوه في التوقعات و التخمينات و أرهقوا بها عقولهم ، لكنها تقتصر عليهم الطريق و تقتصد لهم التكاليف ، و لا يقصد من ذلك ما توفره من جهد لفهم الآخرين بل إنها تكون دليلا في مواضع كثيرة يكشف خبث الناس و ما يتبعه من تكاليف و قد تكون أيضا فاتحة بينك و بينهم ؛ فصارت بذلك مجلبا للخير .

فكذا الحال عند القطط ، و لعلها تكون ذا قيمة أكبرفي الحيوانات التي جعلت بكماء ، و سنتناول الاقسام الاربع للغة الوجه عند القطط .

- الرأس : 

- و وضعية الرأس لها دلالتها من سعي للتواصل ، و توظف لها بقية أجزاء الجسم لإيصال رسالة ما أو يكون ذلك تأثرا من بقية الجسم كانفعال لحظي .
و يمكن إجمال وضعيات الرأس المختلفة في الآتي :
- للأمام .
- مرفوعة لأعلي .
- الرأس في الوسط .
- مائلة للجانب .
- للخلف و لأسفل .
و كل ذلك يكون مصحوبا بعلامات أخري .
و الذي يحدد أي هذه الوضعيات تظهرهي الحالة التي تمر بها القطة و هي بالطبع حالات متنوعة تشمل حالات الحذر و العدوانية  و الدفاع عن النفس و الخوف ، و حالات قلة الاهتمام و عدم العدوانية و الراحة ، و حالة  تجنب التحدي ، و حالات الخوف و العدوانية تجاه أحد ، و حالات السعي للتفاعل مع حيوان آخر أو حتي إنسان أو سعيا لاكتساب معلومة عن أشخاص أو حيوانات مستعينة في ذلك بحاستي الشم و البصر .
و قد تتشابه أكثر من حالة في وضعية الرأس علي أنهم يتمايزون في باقي تعبيرات لغة الوجه و لغة الجسد .

- العين :

و هي القسم الثاني و قد تكون نصف متوحة ، و قد يطال بها النظر الي شئ ما ، و قد  يصرف النظر عن شئ ، وقد تضيق العينان. وكل واحدة من تلك الحالات لها دلالتها ؛ فقد تدل اليعن علي الراحة ، أو التهديد ، أو اللعب ، أو الاستثارة ، أو اليقظة و الحذر ، أو الخوف ، أو العدوان الدفاعي ، أو الاطمئنان ، أو العدوان الهجومي .

- الأذن :

و بها مجموعة كبيرة من العضلات التي من خلالها يتم تحريك الأذن ، و بإمكان القطة تحريك أذنيها علي نطاق واسع ، و تستطيع أن تجعلها لأعلي و لأسفل ، و يمكن تحريكها بمقدار 180 درجة .
و فضلا عن دورها الذي يشبه أجهزة الاستشعار - فهي تستخدم لتحديد مكان الفرائس الصغيرة - نجد الأذن واحدة مما يستخدم للتواصل .
و لها مواضع مختلفة كأن تكون للأمام ناحية الاطراف قليلا ، و قد تكون للخلف أو الجانب ، و أحيانا أخري تتراوح بين الميل للخلف و الوضع المنبسط المنخفض .
و إن كان اختلاف وضع الأذن يرجع لاختلاف الظرف ، إلا أنه ليس بالضرورة أن تكون كلتا الأذنين علي نفس الحال .

- الشارب و الفم :

حتي هذه الشعرات لم يفت ذكرها ؛ فهي الأخري لها حيز و مشاركة و كأنه من إتمام الشئ أن يضم الحقير ؛ حتي إذا فار و أعجز كانت حقارته إضافة لإعجازه و لا تكون إلا شاهدا علي قوة الإعجاز الذي تجاوزها.
و الشارب إما مائلا لأحد الاطراف أو للأمام أو مثار أو للخلف تجاه الخدين ، و الفم قد يفتح وقد يؤدي عملية التثاؤب .

و لغة الوجوه  أشبه بالسر أو اللغز ؛ فتأخذ منه غموضه الذي لا ينفك إلا بقراءة كامل التفاصيل ، و كامل التفاصيل بالنسبة للغة الوجوه هي باقي لغة الجسد ، و تأخذ منه أيضا المتعة التي يجدها الإنسان أثناء حل اللغز ، و الاندهاش الذي يناله بعد كشف الستار .

الخميس، 14 مايو 2020

الحمي الصفراء في الإنسان ، مصادر العدوي و طرق انتقالها و أعراضها و الحيوانات التي تنقلها للإنسان .



الحمي الصفراء مرض " فيروسي " من الأمراض المشتركة ينتقل من القرود ( تحديدا قرود الغابات ) للإنسان بواسطة البعوض و يتميز بالحمي و الصفراء و من هنا جاء إسمه و يسمي أيضا " مرض القئ الأسود "  نظرا لما يحدثه من قئ مدمم أسود لونه.


الحيوانات التي تنقل المرض للإنسان :

- قرود الغابات ؛ إذ أن المرض مستوطن في سلالات معينة من هذه القرود بأجزاء من أفريقيا و أمريكا الجنوبية .


عوامل تؤثر في القابلية للإصابة :

- يصيب المرض كل الأعمار ، لكن الأطفال تحت ستة أشهر لا يصابون إلا نادرا ؛ نظرا لامتلاكهم مناعة أمية في هذه الفترة .
- أصحاب السلالة الزنجية تكون إصاباتهم أقل حدة .

مصادر العدوي للانسان :

- تنتقل العدوي للإنسان عبر أنثي البعوض ( فالذكر لا يلدغ لأنه لا يحتاج الدم كغذاء و يتغذي علي رحيق النباتات ) التي تعمل كمصدر وسيط للعدوي ، علي أن البعو ض الذي ينقل العدوي بهذا المرض ليس كل البعوض ؛ اذ هو نوع واحد فقط و هو النوع  Aedes .
و في أفريقيا يمكن نقل المرض عبر ثلاث سلالات من هذا النوع و هي مختلفة عن السلالتين الناقلتين للمرض في أميركا الجنوبية .

طرق انتقال العدوي للإنسان :

- من خلال لدغة البعوض التي أخذت " الفيروس " ليقضي فيها فترة حضانة قدرها من أربعة إلي اثني عشر يوما و تصبح البعوضة حاملا للفيروس طيلة عمرها.
- ينتقل المرض عبر التلامس المباشر مع المواد الملوثة بال " فيروس " و يمكنه اختراق الجلد السليم .
- يمكن انتقال العدوي في المعامل لمن يتعاملون مع أشياء تخص الفيروس لكنه نادر الحدوث .

و يوجد ثلاثة أنواع  لدورات انتقال المرض :

- الأولي هي تلك التي تحدث بالغابات و فيها ينتقل المرض بصورة أساسية بين القرود ، أما إصابة الإنسان هنا فهي عارضة غير أساسية تخص أولئك العاملين في هذه الأماكن مثل قاطعي الأخشاب ، و عمال الطرق و قد تحدث أيضا عندما تعبر القرود للمناطق المجاورة للغابات .
- و الثانية هي الدورة الريفية و فيها تنتقل العدوي من القرد للإنسان بواسطة البعوض ، و يعتبر الإنسان هو نقطة البداية للدورة الثالثة  .
- و الدورة الثالثة هي دورة المرض في المدن و فيها تنتقل العدوي من إنسان لإنسان .

المرض و العوامل البيئية :

- المناخ : يحتاج الفيروس أربع و عشرين درجة حرارة أو أكثر للتكاثر داخل البعوض ، لكن بشرط أن يلازمه مستوي معين من الرطوبة النسبية و هو ستون بالمئة حتي يمكنه أن يعيش مدة كافية لنقل المرض .
- البعوض : النوع الذي ذكرناه يتزاوج  في أماكن تواجد المياه القريبة لأماكن تواجد الانسان . و العبوات الفارغة ، و الزهريات ، و فتحات الأشجار المحتوية علي ماء هي بعض مما يفضله .

الأعراض في الإنسان :

تتراوح فترة الحضانة في الانسان بين ثلاثة إلي ستة أيام لتبدأ بعدها الأعراض في الظهور .
و صورة المرض في الإنسان قد تكون بلا أعراض ، أو تظهر معها أعراض ،
و في حالة ظهور الأعراض يكون للمرض في صورته المثالية ثلاث مراحل ، و ليس بالضرورة أن يمر بالمراحل الثلاثة .

المرحلة الأولي تستمر لثلاثة أو أربعة أيام و تختفي الأعراض بعد ذلك عند كثير من المرضي ، و أعراضها تشمل :
- حمي ، و رعشة ، و صداع.
- آلام في الظهر و العضلات ، و قئ.
و هذه أعراض عامة.

و المرحلة الثانية تكون للمعظم مرحلة تعافي تستمر يومين .

أما الثالثة فهي الأخطر و أعراضها تشمل :
- أعراض نزفية مثل نزيف من الأنف ، ونزيف من المعدة يظهر علي هيئة قئ أسود و قد يكون أصفرا ، و نزيف من الشرج يظهر علي هيئة براز أسود .
- اصفرار الجلد و الأغشية المخاطية نتيجة لما ينال نسيج الكبد من تلف .

و مما تجدر الإشارة إليه أن هذا المرض أحد الأمراض التي يكتسب الإنسان مناعة ضدها طيلة حياته القادمة إذا شفي منها .

الأربعاء، 13 مايو 2020

سلوكهم و أمثالنا الشعبية"هي القطة تاكل عيالها"من وحي عاطفة الأمومة عند القطط




يشيع في بيئة الأمثال الشعبية الاستعانة بالمثل الشعبي " القطة ما تاكلش عيالها" و هدا ان دل فانما يدل أولا علي قوة عاطفة الأمومة عند القطط ، و يدل كدلك علي ادراك الناس لهده الحقيقة  فترددت علي ألسنتهم الي أن صارت مضربا للمثل في وصف لأم الحنون ؛ لدلك أحببنا أن نسلط الضوء علي بعض ملامح الأمومة عند القطة.
تشتمل مشاعر الأمومة علي الأحداث المرتبطة بالولادة و ما يعقبها من مسؤليات علي الأم تجاه صغارها ، بل انها تبدأ قبل الولادة أصلا .
و عاطفة الأمومة في الحيوانات أقوي ما تكون في القطط ، و من فرطها تضطر القطة في بعض الأحيان أن تأكل أولادها فعليا وذلك خوفا عليهم ، أو عجزا منها عن التعرف علي بعضهم بعد زوال الرائحة المميزة - و التي أكسبتها هي لهم - فتأكلهم علي أنهم غرباء مبتغية بذلك حماية صغارها الآخرين أيضا خوفا عليهم مما تظنه غريبا عنهم .
و ان كنت ممن يحتك بالقطط فانك تقدر أن تلمح تلك اللهفة و هي تعد بيتا أو ركنا في مكان ما لتستقبل فيه صغارها قبل ولادتهم و لسان حالها يقول " من لهؤلاء ان لم أكن أنا " ، و اذا بها تسعي و تجتهد و تبحث لتجد مكانا مناسبا لعملية الولادة فنيا ثم تكمل سعيها و بحثها لتجهز المكان مضربة بذلك مثالا للوفاء بالمسؤلية و هنا يحضرني قول الرافعي في " الصغيران " واصفا مشاعر أم التقت  بطفليها التائهين " حتي لا تكاد تفرق بين ثلاثتهم في معاني الحب الا بالكبر و الصغر ، و رجعت معهما طفلة " .
و كلما كان المكان قريبا من مصدر للطعام كلما قل معه عدد الوفيات ما يعني عظم الدور الملقي علي الأم .

و أثناء الولادة تكابد الام آلاما شاقة في سبيل اتمام مهمتها علي خير و هذا الصنف من الحيوانات يتأثر بأي مصدرر ازعاج أثناء الولادة و قد يدفعها هذا - كما ذكرنا - لأكل صغارها خوفا عليهم.

و ما ان تتم عملية الولادة علي خير تشرع القطة في مزاولة مهمتها لكن في طور جديد ، و ان كانت الأولي لها فستكون في مواجهة جديدة و امتحان صعب ، و مع هذا سيبدو الفارق بين الأم صاحبة خبرة من ولاداتها السابقة و بين تلك حديثة العهد بالمهمة العويصة ، و هنا تبرز منطقة مضيئة من من بحر الأمومة الغائر ؛ اذ أن القطط  - سواء حديثة العهد بالولادة أم لا- التي تعيش في مجموعات تجد مساعدة من أقرانها في مجموعتها لتسهيل عملية الولادة ، ثم بعد الولادة تنظيف و تجفيف الصغار ، و الملاحظ هنا أن ممارسة واجبات الأمومة لا يقتصر علي الأم الفعلية بل تشارك فيها أقرانها ما يدل علي فيض هذه الغريزة ليمارسها من ليست أم في الحدث علي ما هم ليسوا صغارها.
و اما عن واجبات الام بشكل عام فيضاف لتنظيف الصغار و تجفيفهم ، لحس جسد الصغار لحث عمليتي التبول و التبرز ، و ممارسة ما يشبه اسيرجاع للصغار الذين تاهوا عنها ، و الاستجابة لطلباتهم الممثلة في صورة أصوات تصدر منهم مثل مايحدث أوقات الجوع و البرد .
و هناك شئ من التداخل في العلاقات حيث تجد ان العلاقة بين الصغار و أمهاتهم القطط تشبه علاقة هذه الصغار بالانسان و الجزء المشترك بينهما هو أن الانسان ينظر اليه من قبل هؤلاء الصغار علي أنه مصدر رعاية و القطط تعكس هذا في سلوكها أمامه لتظهر حاجتها للرعاية .
و متي اتضح للانسان شيئا و لو يسيرا من اسرار هذه المخلوقات فعليه ان يغير نظرته و طريقة تفكيره في مثل هذه الأمور و يستغني عن سطحيته التي تحرمه من التأمل في طبيعة هذه الكائنات و ما يصاحبها من هدوء للنفس و رقي للروح و رقة للقلب.

الثلاثاء، 12 مايو 2020

أيبولا في الإنسان ، مصادر العدوي و طرق انتقالها و الحيوانات االتي تنقلها للإنسان .



نسمع بين الحين و الآخر عن تفشي وباء ايبولا في بعض الدول ما دفعنا إلي الكتابة عنه و زاد من ذلك كونه أحد الأمراض التي تنتقل بين الانسان و الحيوان ، و لكن ما هو مرض ايبولا ؟
هو مرض " فيروسي يصيب الإنسان و القرود ، و هو مرض خطير و غالبا مميت .
و يشير إسم " الحمي النزفية الأفريقية " إلي كل من مرض " ايبولا " و مرض " ماربورج " ؛ إذ أنهما متشابهان من حيث الأعراض السريرية وكذلك يتشابهان وبائيا.

و كان أول ظهور للمرض عام 1976 في السودان ، و حدث تفش له في الانسان بين عامي 1995 و 1996 شمل كينيا و ساحل العاج و الجابون .

حيوانات تنقل المرض للإنسان:

القرود ، و الغوريلا ، و الخفافيش ، و الخنازير .

مصادر العدوي للانسان:

- الحيوان و الإنسان المصابين بالمرض من خلال أي إفرازات و إخراجات من الجسم و كذلك سوائل الجسم مثل الدم .
- إبر الحقن و الأدوات الملوثة بإفرازات المصاب.
- جثث الحيوانات النافقة أو العينات المستخدمة في المعامل و الأبحاث .

طرق انتقال العدوي للانسان:

- عبر المشيمة من الأم للجنين.
- استخدام غبر الحقن الملوثة.
- عبر الجماع .
- الاستنشاق .

و مما ينصح به لتجنب الإصابة :

- الحذر تجاه الحيوانات التي ذكرنا أنها تنقل المرض للإنسان .
- الأشخاص الذين يتعاملون مع هذه الحيوانات عيهم ارتداء ملابس و أدوات واقية مثل القفازات و تغطية أنوفهم.
- و يجب مراعاة هذه الإحتياطات أيضا أثناء التعامل مع المرضي .
- الأشخاص الذين يتعاملون مع عينات معملية من حيوانات مصابة أو مشكوك في سلامتها يجب عليهم أخد الحيطة و الحذر.

و نشير إلي أن أخطر فترة يمكن أن ينقل  فيها إنسان العدوي لآخر هي الفترة المتأخرة من المرض . 

الاثنين، 11 مايو 2020

داء القطط في الانسان ، مصادر العدوي في الإنسان و طرق انتقالها و الحيووانات التي تنقلها للإنسان



  1. داء القطط هو مرض يسببه طفيل وحيد الخلية ألا و هو Toxoplasma gondii ، و هو واحد من الأمراض المشتركة بين الانسان والحيوان ويصاب به الانسان علي نطاق واسع جدا ، علي أن أغلب الاصابات في البالغين تكون من دون أعراض.

و يرجع الانتشار الواسع للمرض الي مجموعة أسباب منها :

-أنه لا يخص أنواعا معينة من الحيوانات ، و يصيب أنواعا كثيرة من الطيور و الثديياتز
- يمكنه أن يصيب الكثير من الأعضاء الداخلية للجسم .
- يقاوم الظروف البيئية .
- يمكنه احداث العدوي من خلال طرق متعددة 
- المرض ينتقل عبر الهواء.

الفئات المعرضة للاصابة :

- يصيب الجنسين ، و يري بعض العلماء أن الدكور لديهم معدلات أعلي من الاصابة.
- يصيب مختلف الأعمار ، لكن الأشخاص دي الأعمار المتوسطة يصابون أكثر من المسنين.
- هناك فئات معينة تجعلهم أعمالهم أكثر عرضة لخطر الاصابة ، مثل الأطباءء البيطريين ، الاطباء و الممرضين، و الفلاحين ، الجزارين ، و عمال الصرف الصحي .
- المناطق دات المناخ الرطب و الدفيئ تنتشر فيها الاصابات أكثر من المناطف الباردة و الجافة.

الحيوانات التي تنقل المرض للانسان :

- القطط المستأنسة و بعض أنواع القطط البرية .
- الكلاب .
- الأبقار ، والماعز  و الأغنام ، و الخنازير .
- القوارض.

مصادر العدوي :

- براز القطط  .
-لحم الأبقارن و الماعز ، و الأغنام ، و الخنازير غير المطهي كلية و كذلك المطهي جزئيا ، مثل " اللانشون ، و البسطرمة ، و السجق ، و الهمبرجر ".
- لبن الماعز غير المعامل حراريا.
- افرازات و اخراجات الحيوان المصاب مثل اللبن ، و اللعاب، و الدمع.
- لبن المرأة المصابة لابنها عن طريق الرضاعة ( غالبا لا تظهر أعراض علي الأم).
- افرازات المرأة المصابة مثل دم الحيض ،و افرازات الولادة ،و ما بعد الولادة ( افرازات بنية تظهر بعد الولادة)
-الابر الملوثة في المعامل .

طرق انتقال العدوي:

- البلع : كتناول الأطعمة الملوثة بافرازات الحيوان المصاب ، و تناول الللحم المطهي بصورة غير كافية او غير مطهي أصلا ، اللبن غير المعامل حراريا.

- عبر المشيمة من الأم المصابة للجنين .

- عبر الجروح الموجودة في الجلد ، أو من خلال العين في حال التلوث بمصدر من مصادر العدوي.

- العض بواسطة حيوان مصاب.

-عبر الجهاز التنفسي من خلال استنشاق جزيئات ملوثة .

-من خلال اختراق الابر الملوثة للجلد في المعامل.

- نقل الدم لكنه غير شائع.
وجدير بالدكر أن المرض ينتقل من انسان لانسان.

ومما ينصح به لتجنب الاصابة : 

تجنب التعامل مع القطط الخارجية ، و ارتداء قفازات أثناء التعامل مع التربة أو الرمال نظرا لأنها قد تحوي افرازات من حيوان مصاب ، تجنب التعامل مع براز القطط .
الاعتماد في اطعام القطط علي الطعام المنزلي الموثوق منه أو الطعام المعلب او الاكل المجفف.
الاهتمام بنظاف الأيدي بعد التعامل مع أدوات المطبخ أو اللحوم و الخضروات.
طعام الانسان يكون مطهي جيدا و نظيف.

و لكن لماذا يربط الناس بين داء القطط و بين الحمل ؟
لأن الناس لم يعهدوا رؤية أعراض للمرض الا علي المرأة الحبلي ولا يعرفون له أثرا في غير هذه الفئة ؛ ذلك أن الآخرين ان أصيبوا غالبا لا يظهرون أعراضا فما ان ذكر المرض ذكر معه الحمل ، حتي  الأطفال ان  ولدوا موتي أو ماتوا بعد الولادة  و عرف السبب لدي الأهل فان هذا يعزز من هذه الثقافة عندهم و لا ينفيها ، ثم انهم ان لم يعلموا بسبب  وفاة الطفل بعد الولادة أو نزوله ميتا فان هذا يأتي أيضا في نفس السياق الذي يؤول الي تدعيم المفهوم الراسخ عندهم .
و المرض ليس هذا اطلاقا فانه يظهر اعراضا علي الأطفال غير حديثي الولادة ، بل انه  يصل اليهم من غير أمهاتهم .

كان هدا ما نري معرفته مفيدة ، و مهمة  للانسان بخصوص " داء القطط " .

الخميس، 7 مايو 2020

أمراض تنتقل بين الإنسان و الحيوان أو الأمراض المشتركة : مقدمة.



لا يقتصر التشابه بين الانسان و الحيوان علي ما يجمعهما من طبائع عامة و خطوط عريضة تخص الامور الاجتماعية لكل منهما ،بل ان الامر تجاوز دلك الي الأمراض التي تصيب الطائفتين وان كان دلك لا يشمل كل الامراض.
هناك عشرات الأمراض تنتقل بين الانسان و الحيوان و تعرف بالأمراض المشتركة. و اننا نبتغي بتناول هداا الامر أن أن ننشر ثقافة الاحتياط و الحدر اثناء التعامل مع الحيوانات ولا نقصد بدلك المريضة منها فقط و انما كل الحيوانات ؛ لأنه في بعض الأمراض قد لاتبدو أعراض علي الحيوان المصاب كما في " داء القطط " أو يكون الحيوان مصدرا للعدوي قبل أن تظهر عليه الأعراض كما في مرض " السعار " حيث يحتوي لعاب الحيوان المصاب علي " الفيروس " قبل ظهور الأعراض بحوالي خمسة أيام .
تصنف الأمراض المشتركة علي ثلاثة محاور ، المحور الأول تصنف فيه علي حسب نمط انتقال المرض ، و هي في دلك ثلاثة أقسام : القسم الأول يشمل الأمراض التي يمكنها تنتقل من الحيوان للانسان و منها السعار و الجمرة الخبيثة.
و القسم الثاني يشمل الأمراض التي يمكنها تنتقل من الانسان للحيوان ، و لا داعيي للدهشة ؛ فهده حقيقة ، و من هده الأمراض الروماتيزمية ، و مرض النكاف ، و مرض الخناق ، و مرض شلل الأطفال ، مرض التهاب الحلق الانتاني ، و مرض الحمي القرموزية أو العقدية . و القسم الثالث يشمل الامراض التي تنتقل من الانسان للحيوان و العكس أيضا و أهم هده " السل ".
و في المحور الثاني تصنف الأمراض المشتركة حسب المسبب المرضي ، فقد تكون أمراض بكتيرية او فيروسية أو فطرية أو طفيلية بأنواعها الثلاث الديدان و الحشرات و الكائنات وحيدة الخلية ، أو قد كائنات تجمع في خصائصها بين البكتيريا و الفيروس.
و اما المحور الثالث في تصنيف الأمراض المشتركة فهو علي حسب دورة حياة المسبب ، لكننا لن نخوض قيه لأن مقامه ليس هنا.
ننتقل الان للتعريف بمصادر العدوي التي تنقل المرض للانسان ، و تشمل الحيوان المصاب من خلال الافرازاته و الاخراجات مثل : اللبن ، و اللعاب ، الافرازات الرحمية ، الافرازات التنفسية و الانفية ، و البول ، و البراز ، ولا يقتصر خطر الحيوان كمصدر للعدوي علي حياته فقط ، انما يظل مصدر خطر بعد نفوقه في معظم الامراض ، ولا تقتصر مصادر العدوي للانسان علي الحيوان في صورته الجسدية فقط ، انما تشمل الاشياء الاخري الملوثة بالمسبب المرضي مثل الأطعمة المستمدة من هده الحيوانات المصابة ، و المصنعات الجلدية التي صنعت من جلد حيوان مصاب كما في مرض الجمرة الخبيثة ، و الاجسام الصلبة الملوثة بافرازات الحيوان .
و بالنسبة طرق انتقال العدوي فمنها الانتقال المباشر  و هو الاختلاط المباشر مع مصدر من مصادر العدوي مثل ملامسة الجلد المصاب ، و علي النقيض يكون الانتقال غير المباشر ويضم :
- الاختلاط غير المباشر مثل الاستنشاق ، و البلع .
- العدوي المحمولة عبر كاءنات حية أخري مثل الحشرات 
- العدوي المحمولة عبر الأجسام غير الحية 
- العدوي المحمولة عبر الهواء
و من النمادج  الحياتية  لاصابة الانسان بالمرض العض ، و اصابته في المعمل من خلال العينات او التجارب ، و أثناء العمليات الجراحية ، و الخربشة بواسطة حيوانات أخري مثل القططو كثير من الأمثلة غير دلك.
و نشير الي ان الحيوانات التي نتحدث عنها هنا كمصدر لاصابة الانسان هي الحيوانات الفقارية و هي مصدر العدوي ، علي أن هناك حيوانات أو كائنات اخري و حشرات كثيرة تساهم في اكمال دورة المرض و انتقاله للانسان ، و أما الحيوانات الرئيسية التي قلنا انها مصدر العدوي فحدث و لا حرج ؛ اد تشمل كل الحيوانات التي نتعامل معها بدء من القطة للجمل و من السمكة للحوت .
و من أشهر الأمثلة للأمراض التي تنتقل من الحيوان-للانسان الطاعون ، و " الكوليرا "، و السعار ، و الجمرة الخبيثة ، و السل أو الدرن ، و" أنفلونزا " الطيور و الجدري ، و غيرها الكثير . و اننا سنسرد في عدد من الحلقات القادمة مجموعة تدوينات نوضح فيها قدر اللمستطاع ما يهم الانسان حول هده الأمراض و شتكون سلسلة تحت اسم " أمراض تنتقل بين الانسان و الحيوان " نتمني أن تلقي قبولا لديكم .


الثلاثاء، 5 مايو 2020

تواصل االحيوانات بين الظاهر و الباطن : اللعب.



تحتاج الحيوانات في مجتمعاتها إلي ما يتواصل به أفرادها فيما بينهم و تستثمر لذلك كل فرصة و مناسبة فنجد الكثير من سلوكها يؤدي غرضه الرئيسي من جهة ومن جهة أخري يؤازر الأفراد لتحقيق التواصل . و اللعب نموذج لهذه القاعدة فهو ضرورة من ضروريات الحياة السليمة ؛ إذ تحتاج إليه الحيوانات كوسيلة للترويح و الترفيه لأنها لا تقضي حياتها كوقت فراغ ذلك أنها تعمل و تبحث عن غذائها و ترعي صغارها و نحو ذلك ، علي أن اللعب يعد كذلك سلوكا اجتماعيا بل ربما أكثر من كونه سلوكا ترفيهيا و من هنا برزت أهميته .

في الكلاب نجد أن أفرادها يمارسون نوعا من الإيجابية فيقوم الواحد منهم بدعوة الآخر لممارسة اللعب معه ، أي أن اللعب مدخل أو مفتاح للتواصل فضلا عما سيكون بينهما من لعب و الذي هو في حد ذاته تواصل .
و للدعوة إلي اللعب وسائل منها مثلا أن يقترب الكلب من كلب آخر مع الابتعاد عنه وكأنه يهرب منه ، ثم يقترب و يبتع و هكذا دون أن يشعره بأي خوف منه وغير مبديا لأي شكل من أشكال التهديد ، و أن تكون المنطقة الخلفية معلقة في الهواء ، و أن يجعل الكلب أطرافه الأمامية في مستوي نازل لأسفل و قد يري هذا في أوقات وقوع مشاكل بين كلبين ، لذلك فإنه أثناء انتظار الرد من الطرف المقابل يكون صاحب الدعوة في حالة تخوف من سوء فهم قد يحدث ، يدفعه ذلك إلي الحذر و الترقب ، و إذا آلت الأمور إلي الموافقة تبدأ ممارسة اللعب و يشاهد ذلك علي هيئة قفز أو حركة دائرية ، وفتح الفم مع اللهث ، و اللعب بالأرجل الأمامية ، و تحريك الزيل بأريحية ، و غير ذلك من المشاهد التي تبدو لنا علي هيئة معركة بينهما ، لكنه حقيقة من طقوس اللعب.

و الكلاب تمارس العض طبيعة أثناء اللعب و قد يكون بضراوة ، علي أن هذا لا ينقص من صفة الحدث كلعب ، و إذا دربت الكلاب علي تجنب العض مع أقرانها فإنه لن يستخدم أثتاء اللعب . و مما يبدو لطيفا في الأمر و مشابها لعالم الإنسان أن الكلاب عندها في تقاليد اللعب ما يشبه الفوز و الخسارة .

أما عن القطط ، فالعمر يؤثر في هذا السلوك ، إذ تشتد ممارسته في الفترة من الأسبوع الرابع عشر إلي الأسبوع السادس عشر ، و كما الكلاب فإن للعب مظاهر و علامات منها أن يتحرك الحيوان حركة خفة تشبه لحظات الهرب حول حيوان آخر ، و أيضا يكون الشعر واقفا في بعض المناطق من الجسم و منها الزيل والعمود الفقري ، و قد  ذكر أحد العلماء في كتاب له عدد من العلامات التي تدل علي أن الموقف موقف لعب بين الحيوانات و منها أن تكون منطقة البطن ظاهرة  وليست في الوضع المعتاد ، و أن تكون القطة واقفة ، و القفز أفقيا ، و أن تبدو القطة و كأنها تهرب من خلال أدائها حركة خفيفة أو مثل الذي يبدو عليه عدم الاهتمام.
و بعض من هذا تمارسه القطط مستعينة بادوات و أشياء.

و لئن كان الحيوان أبكما لا يتكلم فإن هذا لا يعني غياب  اللغة ، و هذه اللغة هي حركاته و سلوكياته وتصرفاته و هذا نشاهده و نلاحظه عليهم ، علي أن هذه الإشارات  تمر علينا مرور الكرام  لأننا لا ندركها ، أو نظنها غير مهمة مثل تعبيرات الوجه و حركة الزيل بل معدل هذه الحركة ، و كل المعطيات التي تظهر علي الحيوان ينببغي الاهتمام بها جميعا ؛ لأن لغة الجسد منظومة متكاملة و إلا كانت النتيجة الفهم الخاطئ و الاستنتاج المغلوط . فمثلا القطط الصغيرة أثناء اللعب قد تنحني ثم تقوم بالقفز و هذا قد يجعل المشاهد يترجم الموقف علي أنه محاولة للافتراس ؛ لذلك ينبغي عدم الاهتمام بعلامة دون الأخري لقراءة الموقف ؛ لأن العلامة الواحدة قد تتكرر في أكثر من موقف.

الأحد، 3 مايو 2020

السلوك الاستكشافي و الفضول في الحيوانات



الفضول سلوك مدفوع بقوة داخلية كامنة فهو تيار يسري في الدم و فكرة تغزو العقل و هواية تسكن القلب وإلا كان الجسد كالصنم بلا روح ، وهو للحيوان كالإناء ينضح بما فيه . 

يتضح هذا السلوك بالنسبة في الكلاب الصغيرة ( الجرو) خاصة في بداية مرحلة القدرة علي الحركة ، و تستهلك من اليوم وقتا كبيرا ما يدل علي أهميته ليس في مراحل العمر الأولي فقط بل فيما هو قادم بعدها ، وهي مما ينبغي أن يلبي و يتوفر للحيوان كغيره من الحاجات بل إن الكلب يتحري الفرص من المحفزات و المثيرات مستجيبا للدافع الداخلي عنده و ملبيا للحاجة و ما ذلك إلا لأفضال هذا السلوك عليه ، و منها أنه يعرف تفاصيل بيئته بما في ذلك إدراك كينونة طعامه و معرفة مسالك الهرب و مواقع النوم وأماكن توافر المياه و غير ذلك مما يستعين به علي قضاء حوائجه.
و إذا أدركنا قيمة ممارسة هذا السلوك أدركنا معه أن لا سبيل لتركه و الاستغناء عنه ، ففي حالات عدم تمكن الكلب من القيام بالنشاط ، تزداد حركته توترا و عصبية إن تعرض لأبسط الضغوط و التي قد تكون في حالات أخري لا قيمة لها.

لذلك مما يفيد الكلاب أن تتجول في أماكن غريبة عنها أو غير مألوفة بالنسبة لها ؛ فهذا يحرك فيها الانتباه للاستكشاف و البحث ، ما يجعل الكلب يحافظ علي مستوي من المشاركة الحسية التي يحتاجها فضلا علي المنافع الأخري التي يحصل عليها من التجول بشكل عام مثل التقاط طعامه من الطريق ، و التواصل ، و كذا التزاوج .

ومن عالم الكلاب إلي عالم القطط فنجد نشاطها موزعا علي طول اليوم ليله و نهاره و إن كان يميل للزيادة بعض الشئ في النهار و هذا أثر علي طبيعة الاستكشاف عندها ، و الافتراس مثال لذلك ، فتنتظر الوقت الذي تتحرك فيه فرائسها و تنشط ، ومع ذلك فإن الكثير من قطط الشوارع لديها تنوع في فرائسها لأن هذه الفرائس تقضي أوقاتا طويلة تكون فيها نشطة في نفس الوقت .

و إن للبيئة تأثيرا علي معدل النشاط اليومي و الاستكشاف في القطط ، و البيئة هنا يقصد بها الشارع ، أو البيت بالنسبة للقطط التي يقتنيها الإنسان ، و لنأخذ من البحث عن الطعام نموذجا ، فالصنف الأول يتأثر نشاطه و فقا لتوافر الطعام في الشارع و حركة الفريسة ، و أما الصنف الثاني فهو مرهون بما يتاح له من صاحبه في المنزل ،
و خارج سياق الطعام ، فعلي صاحب المنزل مسؤليات أخري يجب أن يلتزم بها ، فحيث أنه يقتني هذا القط و يمنعه من ممارسة الحياة بالنمط الطبيعي ( فالقط له أن يعيش وسط أقرانه و يأكل الأكل الذي تأكله القطط بطبيعتها و غير ذلك من خصائص أي مجموعة حية لها سماتها و طريق معيشة) ، فأقل ما يكون لتلبية الحاجة الداخلية لممارسة سلوك الاستكشاف أن يوفر له أدوات اللعب ، و يضع نظاما للعب ، و يهيأ مكانا صالحا لممارسة الاستكشاف و الاختباء ، و أن يضع في متناوله أجهزة تخزين طعام لتثير انتباهه .

و مما يستفاد أن السعي نحو اكتشاف الأشياء و معرفة ماهيتها غريزة و فطرة يشترك فيها الحيوان و الإنسان ، فالطفل دائما ما تجذبه البيئة المحيطة به فيفكر و يتفكر فيها و يترجم ذلك إلي حركات و تصرفات ، ثم بعد ذلك إلي تساؤلات متي صار قادرا علي النطق و التعبير عما بداخله من خلال الكلمات ، علي أن الحيوان لا يملك تلك القدرة علي التعبير فكانت من هنا أهمية سلوك الحيوانات بالنسبة لهم ، و بالنسبة للإنسان ليفهمهم ، و هي تحتاج إلي كل إنسان لديه عقل ليسبح و يبحث خلف هذه الكائنات ليفهم كلامها و هي البكماء.

الخميس، 30 أبريل 2020

شذرات من النظام الاجتماعي للحيوانات : الكلاب الضالة نموذجا.





لا تعيش الحيوانات عيشة عشوائية عبثية كما يعتقد الكثير من الناس لدرجة أنهم إن أرادوا ذم الإنسان الفوضوي أو الطلاب غير المجتهدين يشبهونهم بالحيوانات وكأن الحيوانات لانظام لها ولا إطار و الحقيقة خلاف ذلك تماما ، و سنتحدث في هذا الموضوع عن ملامح من النظام الاجتماعي للكلاب الضالة - ويقصد بهذه الكلمة الكلاب التي لا يقتنيها الإنسان في البيت و تعيش في الشوارع سواء في الريف أو المدينة - و قد نشير كذلك إلي الترتيب الاجتماعي للأفراد في القطيع الواحد لكن في مقام اخر .

تعيش الكلاب الضالة في مجموعات صغيرة يتراوح عدد أفرادها من إثنين إلي خمسة و قد يخرج فردا من المجموعة ، لكنها قادرة علي تعويضه بأفراد آخرين مثل الكلاب الهاربة من بيوت أصحابها أو تلك التي يطردها اصحابها ( وربما هي نفسها الطريقة التي يصبح بها الإنسان متسولا ) ؛ لذلك يكون الأفراد غير مترابطين و المجموعة غير ثابتة التكوين.

و أماكن إنتشارها الريف و المدن ، علي أن الريف ليس كالمدينة و المدينة ليست كالريف ، و هو ما يؤثر علي خصائص مجتمع الحيوان ، فالمدينة يكثر سكانها و بالتالي تكثر مخلفاتهم و التي تعتمد عليها الكلاب كطعام لها و من هنا لا يلزم أن تكون المساحة التي تشغلها المجموعة  الواحدة من الكلاب مساحة كبيرة ، و في هذا النوع من النظم تبدو المنافسة ، و كل مجموعة  تدافع من منطقها ضد أي كلاب أخري تحاول التسلل إليها ، أما في الريف فيكون  السكان قليلين و بالتالي تكون كمية المخلفات قليلة و الطعام المتاح للكلاب قليل ، علي أنها تستعيض عن ذلك باستخدام منطقة أوسع ، ثم يؤدي اتساع المساحة إلي التداخل و غياب التمايز بين مناطق كل مجموعة خاصة في المناطق التي تحوي المخلفات ، و العجيب أنه لا يحدث أي نزاع في هذه الحالات ، و هو نفس الشئ بالنسبة للإنسان إذ يقال عن أهل المدن أحيانا أن لديهم جفاء ، و يقال عن أهل الريف أن لديهم سهولة .

و من خصائص مجموعات الكلاب أن تغادر الأنثي مجموعتها قبل الولادة و تحاول تربيتهم بمفردها و لهذا فإن هذا النوع من الصغار نادرا ما تكتمل حياته ، و تفيد إحدي الدراسات أن واحدا فقط من بين عشرين هو من يتجاوز الخطر و يكمل حياته ، و لعل ذلك هو السبب في كون الكلاب ضعيفة في ممارسة الإفتراس ، و هي من الكائنات التي تبحث عن الأكل في الأرض ، وحتي إن مارست الصيد فإنه لايكون بشكل تعاوني أو جماعي ، 
وعلي العكس تماما الذئاب حيث تتزوج فقط الأنثي التي تعيش في مجموعة ويشاركها أفراد المجموعة تربية الصغار.

النظام الاجتماعي للحيوانات كما الانسان له قواعده و خصائصه ولاينبغي أن نتجاهله أو نحتقره لكن من الأهمية بمكان أن نتأمله و نستخلص منه خطوطه العريضة  -علي الأقل- ففيها الكثير من الدروس و العبر التي تحرك في الانسان عقله و قلبه لعلنا نتذكر طباعنا و نلتفت إليها فتسمو نفوسنا و تتهذب.

الأربعاء، 29 أبريل 2020

تواصل الحيوانات بين الظاهر و الباطن " لغة الجسد "



لنتفق في البداية أن لكل شئ سبب ولا مجال للصدفة أو العشوائية وكل تصرف يقوم به الحيوان إنما لدوافع داخلية لها وجاهتها لكن ليس لها وقع علينا ، و نحاول في هذا المقام أن نسترعي الانتباه حيت تقع العين علي الفعل و تراه ؛ لنعرف ما وراءه و ماذا بعده و لنأتي البيت من الباب و لا داعي للشباك ولندخل مباشرة فالكلب الذي جسده للأمام وأذناه قائمتان منتصبتان وزيله مثلهما هو منتبه مترقب متحفز و عكس ذلك يحضر مع الكلب الخائف أو المهادن ، أما إذا التجات شفتاه للخلف مظهرة زوايا الفم كاشفة الأنياب و القواطع مع رفع الذيل و الأذن فلتكن عدوانية الكلاب هي التفسير والسبيل وفي أحيان أخري يميل ثقل الوزن للوراء و ترتفع الشفة و تسحب زوايا الفم للخلف مظهرة كل الأسنان وهذا كله إيذان بالعدوان من أجل الدفاع ، وأما تحية لمن هو أعلي منه مقاما فتراه منزلا جسده خافضا زيله محركا له بسرعة المحرك لاعقا منخاره و مبالغة من نفسه فإنه يفعلها علي نفسه غير مبتئسا ببوله ، وأما إن وقف شعر زيله و ظهره دل علي خوفه و قلقه ، وقد تري واحدا يقفز علي آخر لشكه فيه وريبة منه في أمره ، و لوضع الزيل تجليات اخري غير السابقة فله ان يكون مرتخيا ومنبسطا و ومهزوزا والاستنتاج هنا أن الكلب ودود وحينها تدري أن الموقف موقف لطف وملاطفة وصدق و مصادقة .
ومما غائر في العقول و الأذهان أن حركة الأزيال عند الكلاب تنفي أن يكون عنيفا أو مخادعا أو كذابا لكن الواقع خلاف .

و للقطط قسط ونصيب فإن كانت متكئة علي واحد من جانبيها و للعين نصف فتحتها والأذن مرتفعة أو إلي الجانب قليلا مع زيل هامد دلك ذلك علي حالة استرخاء ، وإن القت بثقلها للأمام والأرجل الخلفية أعلي من الأمامية والأذن للجانب أو للأمام و العين آخذة لنفسها إتجاه فذلك لأنها علي وشك الهجوم ، وفي ميلان الجسد للجانب مع زيل مطوي و عين تهرب لا تريد النظر وأذن للجانب أو الخلف فسيد الموقف هو الخوف ، و إذا مارست الصغار التقلب علي الارض مظهرة بطنها فقد حان مزاج اللعب و الدعوة للمشاركة ،
و للزيل وظائف وأشغال فهو يساعد علي الاتزان وقت المطاردة والافتراس لكن هناك جوانبا اخري ؛ فالحياة  ليست جوعا و شبعا ،
فإذا كان أفقيا مرتخيا فالقطة إما حذرة بقدر يسير ، أو الي الاستحسان و الراحة تميل ، و أوقاتا أخري يتحرك  الزيل و القطة هادئة لكن حذار حذار حذار ؛ فقد تبدو هادئة و هي مخادعة و تعرفها من حركة الزيل المتصلة ، فالحذر الحذر عند الاقتراب ؛ فهي حينئذ كالسراب تظنه شيئا و تجده شيئا.

و في صورة أخري تجد الزيل أصابته حركة لها هيئة هزة أو رعشة ، سريعا هو ، فيدلك ذلك علي حال التبول أو التحول ، و التحول أي أصبح مستثارا ، وتراه أيضا عند الانتقال لتحية الصداقة ، وهو بهذه الأخيرة صار شبيها بالزيل المرفوع ملويا ، أما الزيل القائم عموديا فهو الخوف أو العدوانية .

و مما يستشف بعد ما سرد أن الحال معكوسة علي الجسد ، يجعله متقلب الأحوال فيستحيل من حالة لحالة ويشكله أشكالا ، علي أنها ليست بقوالب ولا أنماط ، لكنها حركة و اضطراد .

الأشعارات
هنا تقوم بوضع الأشعارات
حسناً