شذرات من النظام الاجتماعي للحيوانات : الكلاب الضالة نموذجا. - ترقية

الخميس، 30 أبريل 2020

شذرات من النظام الاجتماعي للحيوانات : الكلاب الضالة نموذجا.





لا تعيش الحيوانات عيشة عشوائية عبثية كما يعتقد الكثير من الناس لدرجة أنهم إن أرادوا ذم الإنسان الفوضوي أو الطلاب غير المجتهدين يشبهونهم بالحيوانات وكأن الحيوانات لانظام لها ولا إطار و الحقيقة خلاف ذلك تماما ، و سنتحدث في هذا الموضوع عن ملامح من النظام الاجتماعي للكلاب الضالة - ويقصد بهذه الكلمة الكلاب التي لا يقتنيها الإنسان في البيت و تعيش في الشوارع سواء في الريف أو المدينة - و قد نشير كذلك إلي الترتيب الاجتماعي للأفراد في القطيع الواحد لكن في مقام اخر .

تعيش الكلاب الضالة في مجموعات صغيرة يتراوح عدد أفرادها من إثنين إلي خمسة و قد يخرج فردا من المجموعة ، لكنها قادرة علي تعويضه بأفراد آخرين مثل الكلاب الهاربة من بيوت أصحابها أو تلك التي يطردها اصحابها ( وربما هي نفسها الطريقة التي يصبح بها الإنسان متسولا ) ؛ لذلك يكون الأفراد غير مترابطين و المجموعة غير ثابتة التكوين.

و أماكن إنتشارها الريف و المدن ، علي أن الريف ليس كالمدينة و المدينة ليست كالريف ، و هو ما يؤثر علي خصائص مجتمع الحيوان ، فالمدينة يكثر سكانها و بالتالي تكثر مخلفاتهم و التي تعتمد عليها الكلاب كطعام لها و من هنا لا يلزم أن تكون المساحة التي تشغلها المجموعة  الواحدة من الكلاب مساحة كبيرة ، و في هذا النوع من النظم تبدو المنافسة ، و كل مجموعة  تدافع من منطقها ضد أي كلاب أخري تحاول التسلل إليها ، أما في الريف فيكون  السكان قليلين و بالتالي تكون كمية المخلفات قليلة و الطعام المتاح للكلاب قليل ، علي أنها تستعيض عن ذلك باستخدام منطقة أوسع ، ثم يؤدي اتساع المساحة إلي التداخل و غياب التمايز بين مناطق كل مجموعة خاصة في المناطق التي تحوي المخلفات ، و العجيب أنه لا يحدث أي نزاع في هذه الحالات ، و هو نفس الشئ بالنسبة للإنسان إذ يقال عن أهل المدن أحيانا أن لديهم جفاء ، و يقال عن أهل الريف أن لديهم سهولة .

و من خصائص مجموعات الكلاب أن تغادر الأنثي مجموعتها قبل الولادة و تحاول تربيتهم بمفردها و لهذا فإن هذا النوع من الصغار نادرا ما تكتمل حياته ، و تفيد إحدي الدراسات أن واحدا فقط من بين عشرين هو من يتجاوز الخطر و يكمل حياته ، و لعل ذلك هو السبب في كون الكلاب ضعيفة في ممارسة الإفتراس ، و هي من الكائنات التي تبحث عن الأكل في الأرض ، وحتي إن مارست الصيد فإنه لايكون بشكل تعاوني أو جماعي ، 
وعلي العكس تماما الذئاب حيث تتزوج فقط الأنثي التي تعيش في مجموعة ويشاركها أفراد المجموعة تربية الصغار.

النظام الاجتماعي للحيوانات كما الانسان له قواعده و خصائصه ولاينبغي أن نتجاهله أو نحتقره لكن من الأهمية بمكان أن نتأمله و نستخلص منه خطوطه العريضة  -علي الأقل- ففيها الكثير من الدروس و العبر التي تحرك في الانسان عقله و قلبه لعلنا نتذكر طباعنا و نلتفت إليها فتسمو نفوسنا و تتهذب.

لا تنسى مشاركة هذا المقال!

أعط رأيك حول هذا المقال

الأشعارات
هنا تقوم بوضع الأشعارات
حسناً