تعيش الكلاب الضالة في مجموعات صغيرة يتراوح عدد أفرادها من إثنين إلي خمسة و قد يخرج فردا من المجموعة ، لكنها قادرة علي تعويضه بأفراد آخرين مثل الكلاب الهاربة من بيوت أصحابها أو تلك التي يطردها اصحابها ( وربما هي نفسها الطريقة التي يصبح بها الإنسان متسولا ) ؛ لذلك يكون الأفراد غير مترابطين و المجموعة غير ثابتة التكوين.
و أماكن إنتشارها الريف و المدن ، علي أن الريف ليس كالمدينة و المدينة ليست كالريف ، و هو ما يؤثر علي خصائص مجتمع الحيوان ، فالمدينة يكثر سكانها و بالتالي تكثر مخلفاتهم و التي تعتمد عليها الكلاب كطعام لها و من هنا لا يلزم أن تكون المساحة التي تشغلها المجموعة الواحدة من الكلاب مساحة كبيرة ، و في هذا النوع من النظم تبدو المنافسة ، و كل مجموعة تدافع من منطقها ضد أي كلاب أخري تحاول التسلل إليها ، أما في الريف فيكون السكان قليلين و بالتالي تكون كمية المخلفات قليلة و الطعام المتاح للكلاب قليل ، علي أنها تستعيض عن ذلك باستخدام منطقة أوسع ، ثم يؤدي اتساع المساحة إلي التداخل و غياب التمايز بين مناطق كل مجموعة خاصة في المناطق التي تحوي المخلفات ، و العجيب أنه لا يحدث أي نزاع في هذه الحالات ، و هو نفس الشئ بالنسبة للإنسان إذ يقال عن أهل المدن أحيانا أن لديهم جفاء ، و يقال عن أهل الريف أن لديهم سهولة .
و من خصائص مجموعات الكلاب أن تغادر الأنثي مجموعتها قبل الولادة و تحاول تربيتهم بمفردها و لهذا فإن هذا النوع من الصغار نادرا ما تكتمل حياته ، و تفيد إحدي الدراسات أن واحدا فقط من بين عشرين هو من يتجاوز الخطر و يكمل حياته ، و لعل ذلك هو السبب في كون الكلاب ضعيفة في ممارسة الإفتراس ، و هي من الكائنات التي تبحث عن الأكل في الأرض ، وحتي إن مارست الصيد فإنه لايكون بشكل تعاوني أو جماعي ،
وعلي العكس تماما الذئاب حيث تتزوج فقط الأنثي التي تعيش في مجموعة ويشاركها أفراد المجموعة تربية الصغار.
النظام الاجتماعي للحيوانات كما الانسان له قواعده و خصائصه ولاينبغي أن نتجاهله أو نحتقره لكن من الأهمية بمكان أن نتأمله و نستخلص منه خطوطه العريضة -علي الأقل- ففيها الكثير من الدروس و العبر التي تحرك في الانسان عقله و قلبه لعلنا نتذكر طباعنا و نلتفت إليها فتسمو نفوسنا و تتهذب.