ترقية: غرائز
‏إظهار الرسائل ذات التسميات غرائز. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات غرائز. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 1 نوفمبر 2020

تكاثر النحل بدون مشاركة الذكور

 تكاثر النحل بدون مشاركة الذكور



يوجد في العالم ما يزيد عن عشرين ألف نوع من النّحل، إلّا أنّ النوع الذي ينتج العسل يشكّل نسبة تقلّ عن 4% من ذلك، أي ما يقلّ عن 800 نوع، ومن أشهرها نحل العسل الشّائع المعروف علمياً باسم (Apis mellifera)، وفي حين يعيش العديد من النّحل بصورة منعزلة أو انفرادية، إلّا أنّ نسبة الأنواع التي تعيش ضمن مجموعات تقلّ عن 8% من العدد الكلّي للنحل في العالم، وبالرّغم من وجود الاختلافات بين هذه الأنواع في طريقة المعيشة، إلّا أنّ معظمها يشترك بآلية متشابهة للتزاوج، إذ تكون وظيفة الذكور الوحيدة في عالم النحل هي التزاوج مع الأنثى.

تمكن العلماء من التوصل إلى كيفية تكاثر النحل بدون مشاركة النوع الذكور في العملية بعد مراقبة مملكات النحل في المناطق بجنوب إفريقيا.

فعادة ما تتشكل ذرية النحل عندما تضع الملكة البويضة وتخصيبها عن طريق الحيوانات المنوية الذكورية.

إلا أن النحل في إحدى المناطق بجنوب إفريقيا خرج عن هذه القاعدة إذ تعلمت إناث النحل طريقة جديدة في وضع البويضة ومن ثم تخصيبها بحمضها النووي الخاص دون الحاجة لتدخل الذكور في هذه العملية.

ولاحظ الباحثون أن هذه المجموعة من النحل غالبا ما تقوم بالاستيلاء على مملكات النحل العادية للاستمرار في التكاثر بهذه الطريقة اللاجنسية والتي أطلق عليها العلماء اسم "السلوك الطفيلي".

ولم يستطيع العلماء بعد شرح هذا السلوك الغريب لهذه المجموعة من النحل، إلا أن علماء الأحياء تمكنوا من كشف الآليات الوراثية بين التكاثر الذي تعتمد عليه هذه النحلات والتكاثر العادي إذ أن الاختلافات موجودة في الجينات، ووجدوا أن تكاثر النحل بالطريقة العادية صحي للأجيال القادمة من النحل مقارنة مع الطريقة الأخرى في التكاثر التي أطلق عليها العلماء اسم "السلوك الطفيلي".


الجمعة، 26 يونيو 2020

مرحلة المراهقة في الحيوانات .





نريد دائما أن نلفت الانتباه الي أوجه التشابه بين الإنسان و الحيوان و الموجودة كخطوط عريضة ، و هذا التشابه بينهما قد يبدو واضحا للعيان عبر كثير من الصفات الظاهرية لكن قلما يعرف عنه شئ عبر الصفات الداخلية للحيوان و من ذلك المراهقة .
و نكرر هذا الآن لأن موضوعنا هذه المرة ليس فقط بخصوص المراهقة كصفة تغيب عن أعين الناس ،  بل لأننا إذا تحدثنا عنها نكون قد جئنا بشئ يلامس القلوب و العقول ، و يسيل في الجسد كالماء في قبضة اليد لا تعرف له مسكا ، و يختلط بالمشاعر كاختلاط الحبر في الماء لا تعرف له وقفا ، و ينغرس في النفس كالبذرة في الأرض .


و سنعرض هنا لمجموعة من صفات المراهق متبوعة بما يقابلها في بابها عند الحيوان ؛ لعلنا نربط بين الطرفين مما يسهل استنباط الإفادة :

1- مرحلة المراهقة في الإنسان تبدأ من البلوغ وتنتهي بالوصول للنضج الاجتماعي و الجسمي و العقلي ،

 و في الحيوان تبدأ بالبلوغ و تنتهي بالوصول للنضج الاجتماعي ( بالطبع الحيوان له مجتمعه أيضا ) و يمكنك من هنا 
معرفة المزيد بخصوص هذا الأمر .

2 - تختلف طبيعتها في الإنسان تبعا لعدة عوامل منها ظروف البيئة التي ينشا فيها الإنسان ، فالعمران مثلا يختلف عن البادية غير أن هذا الاختلاف لا يخل من السمات العامة لمرحلة المراهقة ،

و في الحيوان أيضا تختلف طبيعة المراهقة فهي ليست قوالب جامدة و تمتلك من الحركة ما يضمن المحافظة علي روحها و لو أخذنا فصيلة من الحيوانات محلا للبحث سنجد أن اختلاف السلالات داخل الفصيلة الواحدة و غير ذلك من العوامل له بصمته الواضحة علي تلك الفترة المهمة .

3 - تطول فترة المراهقة عند مراهقين دون غيرهم و يرجع ذلك لاختلاف البيئة و قد تسبب بعض الأمراض أن يستمر العقل طفوليا فيباعد ذلك بين الإنسان و إتمام مرحلة المراهقة ،

و في الكلاب توجد سلالات معينة لا تصل مرحلة النضج الاجتماعي و بذلك اشتركت مع الإنسان في القابلية لإستمرار المراهقة .

4 - يسعي المراهق إلي الاستقلالية عن أسرته و يبدأ يشعر بذاته و كيانه ،

و نري ذلك في الحيوانات واضحا جليا و ليس ثمة دليل علي ذلك أكثر من سعي القط لمفارقة قطيعه في مرحلة المراهقة .

5 - طالما بدأت مرحلة المراهقة فإن صبغة الطفولة تبدأ في الأفول لحساب النضوج الجسدي و الاجتماعي ،

و قد لاحظ الباحثون و أصحاب الحيوانات أن سلوكها التي كانت تمارسه في الصغر يقل مع دخولها مرحلة المراهقة و تقدمها فيها .

6 - الحاجة إلي المتابعة من قبل الوالدين للتعرف علي احتياجاته و تلبيتها خاصة أن هذه الفترة تتميز بالاضطراب ،

و الحيوان أيضا يحتاج أن يوضع  تحت الملاحظة حتي نجنبه السلوك السئ .

7 - لا بد للمراهق أن يستهلك طاقته الداخلية و أن تتاح أمامه الوسائل التي تستوعبها و منها الرياضة البدنية ،

و التدريبات كذلك تجعل فترة المراهقة ممتعة للحيوان ؛ لأنها تقلل تأثير الاضطرابات الحاصلة .

8 - في مرحلة المراهقة يميل المراهق إلي التفاعل مع الواقع و الاعتراض علي ما لا يعجبه ،

و  نباح الكلاب كثيرا علي الغرباء يعد من صور الاعتراض.

و قضاء الحيوانات فترة مراهقتها خارج بيئتها الطبيعية المتمثلة في الحقول أو الأدغال أو غير ذلك - لاقتنائها كحيوانات أليفة أو حيوانات إنتاج - يعد مما يؤثر فيها سلبا .

الأحد، 17 مايو 2020

العلاقة بين الأم و صغارها الجدد : الكلاب نموجا .




يعتبر تمام عملية الولادة بداية لعلاقة أطرافها الأم و صغارها ، و تشتمل هذه العلاقة علي ثلاثة محاور وهي : 
- سلوك الاهتمام من قبل الأم تجاه صغارها .
- سلوك طلب الاهتمام من قبل الصغار .
- أنشطة الصغار و أصواتهم.

أما في السلوك الأول فتتحرك الأم بدافع من عاطفة الأمومة الغريزية لديها لتمارس التزاماتها نحو صغارها و تبدأ بلعق أجسادهم ما يوفر لهم ثلاث مزايا أو قل ثلاث ضرورات وهي إعطاء الحيوان رائحة مميزة لجسده تكون موجودة في لعاب الأم ما يمكنها من التعرف علي صغارها ، هذه فائدة ، أما الثانية أن اللعق يوجه الصغار لأماكنهم ؛ إذ أن أداء هذه المهمة بواسطة الأم مباشرة - أي أن تحملهم الأم لأماكنهم - نادر حدوثه من الكلاب ، و أما الاخيرة فتحفيز الصغار للأكل ، و التبول ، و التبرز .
و بمناسبة اللعق فلقد كان شائعا في بعض المجتمعات أن تقوم الأم بملامسة بشرة المولود بلبن من صدرها و كان من أهداف ممارسة ذلك الطقس تهذيب شعر الوجه ، و تقليل كثافته بالنسبة للأنثي ، و ربما ما زالت هذه العادة موجودة.

و أما عن سلوك طلب الاهتمام من قبل الصغار فيسلكونه ليسترعوا انتباه الأم و لهم في ذلك وسائل و أساليب متعددة منها إصدار الصوت ، و الاقتراب من الأم و كأنهم يقولون " نحن هنا " .

و تمارس الأم بعد الولادة عدة أنشطة تخص صغارها فيضاف إلي ما ذكر سابقا أنها تسعي للتخلص من المشيمة عبر تمزيقها و أكلها ، و تقوم بقطع الحبل السري الواصل بينها و بين صغيرها ، و تزيل السوائل العالقة في رأسه و أنفه ، ثم هي لا تنسي أن تنظف نفسها أيضا . و هي تفعل كل ذلك مع ما مات  منهم أيضا إلا أن برودة أجسادهم بعد موتهم تخبرها عن موتهم فتشرع حينئذ في التخلص منهم.

ثم إلي المحور الثالث و هو بخصوص نشاط الصغار و أصواتهم ، إذ نجد أن أنشطتهم و حركتهم تكون محدودة فنطاقها بعض البوصات  فقط ، و نادرا ما يتحركون بواسطة الأم .  و يمكنهم تحريك الرأس من جهة لأخري .
و حركتهم تتأثر بالحرارة فهم ينجذبون لمصادر الحرارة و يبتعدون عن مصادر البرودة و لهم في ذلك أنوفهم يستشعرون بها الحرارة.
و عندما تلعق أمهاتهم أجسادهم فإن حركتهم تكون في عكس اتجاه الشعر و في عكس اتجاه الضغط الناتج عن احتكاك اللسان بالجسم .
و أما عن الأصوات فنجد أنه بمقدورهم إصدارها بعد الولادة بفترة من دقيقة الي أربع دقائق . و الصوت كالحركة في تأثرها بالحرارة ، فعندما يكون الصغار في حالة دفئ يقل الأنين بل هو مثل الحركة في تأثرها بالأم فنري أن الأنين يقل  أثناء رعاية الأم لهم ، علي أنه في بعض الأحيان تكون الأم هي سبب المشكلة كأن تكون جالسة فوق أحدهم فتصدر عنه صرخات تتجاهلها الأم و لا تستجيب لها ، فما يغير من  ذلك إلا أن تراه أمه أو تشعر به من تحتها .
كما أنها لا تشعر بأنينهم إذا كانوا خارج نطاق رؤيتها .

ولعل  مما يستفاد من هذا الأمر أن الغرائز الداخلية سواء كانت في الإنسان أو الحيوان تكون هي المحرك لما يخرج عنهما من تصرفات و سلوكيات ، و لعل هذه الغرائز تكون كفيلة بإحداث التوازن و تيسير الأحداث ، فالأم بغريزتها تسد احتياج أبنائها ، و الأبناء بدورهم يستدعون الأم للقيام بمهامها منطلقين إلي ذلك من غريزتهم ، و الغريزة الداخلية هي التي تدفع الكائن إلي طلب المساعدة أو التعبير عن احتياجه لها ثم هي التي تدفع الأم للاستجابة ، فالغريزة قادرة علي بناء منظومة و الأهم أن كل هذا يحدث طواعية لا كراهية ما يضمن الاستمرارية  .

الأربعاء، 13 مايو 2020

سلوكهم و أمثالنا الشعبية"هي القطة تاكل عيالها"من وحي عاطفة الأمومة عند القطط




يشيع في بيئة الأمثال الشعبية الاستعانة بالمثل الشعبي " القطة ما تاكلش عيالها" و هدا ان دل فانما يدل أولا علي قوة عاطفة الأمومة عند القطط ، و يدل كدلك علي ادراك الناس لهده الحقيقة  فترددت علي ألسنتهم الي أن صارت مضربا للمثل في وصف لأم الحنون ؛ لدلك أحببنا أن نسلط الضوء علي بعض ملامح الأمومة عند القطة.
تشتمل مشاعر الأمومة علي الأحداث المرتبطة بالولادة و ما يعقبها من مسؤليات علي الأم تجاه صغارها ، بل انها تبدأ قبل الولادة أصلا .
و عاطفة الأمومة في الحيوانات أقوي ما تكون في القطط ، و من فرطها تضطر القطة في بعض الأحيان أن تأكل أولادها فعليا وذلك خوفا عليهم ، أو عجزا منها عن التعرف علي بعضهم بعد زوال الرائحة المميزة - و التي أكسبتها هي لهم - فتأكلهم علي أنهم غرباء مبتغية بذلك حماية صغارها الآخرين أيضا خوفا عليهم مما تظنه غريبا عنهم .
و ان كنت ممن يحتك بالقطط فانك تقدر أن تلمح تلك اللهفة و هي تعد بيتا أو ركنا في مكان ما لتستقبل فيه صغارها قبل ولادتهم و لسان حالها يقول " من لهؤلاء ان لم أكن أنا " ، و اذا بها تسعي و تجتهد و تبحث لتجد مكانا مناسبا لعملية الولادة فنيا ثم تكمل سعيها و بحثها لتجهز المكان مضربة بذلك مثالا للوفاء بالمسؤلية و هنا يحضرني قول الرافعي في " الصغيران " واصفا مشاعر أم التقت  بطفليها التائهين " حتي لا تكاد تفرق بين ثلاثتهم في معاني الحب الا بالكبر و الصغر ، و رجعت معهما طفلة " .
و كلما كان المكان قريبا من مصدر للطعام كلما قل معه عدد الوفيات ما يعني عظم الدور الملقي علي الأم .

و أثناء الولادة تكابد الام آلاما شاقة في سبيل اتمام مهمتها علي خير و هذا الصنف من الحيوانات يتأثر بأي مصدرر ازعاج أثناء الولادة و قد يدفعها هذا - كما ذكرنا - لأكل صغارها خوفا عليهم.

و ما ان تتم عملية الولادة علي خير تشرع القطة في مزاولة مهمتها لكن في طور جديد ، و ان كانت الأولي لها فستكون في مواجهة جديدة و امتحان صعب ، و مع هذا سيبدو الفارق بين الأم صاحبة خبرة من ولاداتها السابقة و بين تلك حديثة العهد بالمهمة العويصة ، و هنا تبرز منطقة مضيئة من من بحر الأمومة الغائر ؛ اذ أن القطط  - سواء حديثة العهد بالولادة أم لا- التي تعيش في مجموعات تجد مساعدة من أقرانها في مجموعتها لتسهيل عملية الولادة ، ثم بعد الولادة تنظيف و تجفيف الصغار ، و الملاحظ هنا أن ممارسة واجبات الأمومة لا يقتصر علي الأم الفعلية بل تشارك فيها أقرانها ما يدل علي فيض هذه الغريزة ليمارسها من ليست أم في الحدث علي ما هم ليسوا صغارها.
و اما عن واجبات الام بشكل عام فيضاف لتنظيف الصغار و تجفيفهم ، لحس جسد الصغار لحث عمليتي التبول و التبرز ، و ممارسة ما يشبه اسيرجاع للصغار الذين تاهوا عنها ، و الاستجابة لطلباتهم الممثلة في صورة أصوات تصدر منهم مثل مايحدث أوقات الجوع و البرد .
و هناك شئ من التداخل في العلاقات حيث تجد ان العلاقة بين الصغار و أمهاتهم القطط تشبه علاقة هذه الصغار بالانسان و الجزء المشترك بينهما هو أن الانسان ينظر اليه من قبل هؤلاء الصغار علي أنه مصدر رعاية و القطط تعكس هذا في سلوكها أمامه لتظهر حاجتها للرعاية .
و متي اتضح للانسان شيئا و لو يسيرا من اسرار هذه المخلوقات فعليه ان يغير نظرته و طريقة تفكيره في مثل هذه الأمور و يستغني عن سطحيته التي تحرمه من التأمل في طبيعة هذه الكائنات و ما يصاحبها من هدوء للنفس و رقي للروح و رقة للقلب.

الأحد، 3 مايو 2020

السلوك الاستكشافي و الفضول في الحيوانات



الفضول سلوك مدفوع بقوة داخلية كامنة فهو تيار يسري في الدم و فكرة تغزو العقل و هواية تسكن القلب وإلا كان الجسد كالصنم بلا روح ، وهو للحيوان كالإناء ينضح بما فيه . 

يتضح هذا السلوك بالنسبة في الكلاب الصغيرة ( الجرو) خاصة في بداية مرحلة القدرة علي الحركة ، و تستهلك من اليوم وقتا كبيرا ما يدل علي أهميته ليس في مراحل العمر الأولي فقط بل فيما هو قادم بعدها ، وهي مما ينبغي أن يلبي و يتوفر للحيوان كغيره من الحاجات بل إن الكلب يتحري الفرص من المحفزات و المثيرات مستجيبا للدافع الداخلي عنده و ملبيا للحاجة و ما ذلك إلا لأفضال هذا السلوك عليه ، و منها أنه يعرف تفاصيل بيئته بما في ذلك إدراك كينونة طعامه و معرفة مسالك الهرب و مواقع النوم وأماكن توافر المياه و غير ذلك مما يستعين به علي قضاء حوائجه.
و إذا أدركنا قيمة ممارسة هذا السلوك أدركنا معه أن لا سبيل لتركه و الاستغناء عنه ، ففي حالات عدم تمكن الكلب من القيام بالنشاط ، تزداد حركته توترا و عصبية إن تعرض لأبسط الضغوط و التي قد تكون في حالات أخري لا قيمة لها.

لذلك مما يفيد الكلاب أن تتجول في أماكن غريبة عنها أو غير مألوفة بالنسبة لها ؛ فهذا يحرك فيها الانتباه للاستكشاف و البحث ، ما يجعل الكلب يحافظ علي مستوي من المشاركة الحسية التي يحتاجها فضلا علي المنافع الأخري التي يحصل عليها من التجول بشكل عام مثل التقاط طعامه من الطريق ، و التواصل ، و كذا التزاوج .

ومن عالم الكلاب إلي عالم القطط فنجد نشاطها موزعا علي طول اليوم ليله و نهاره و إن كان يميل للزيادة بعض الشئ في النهار و هذا أثر علي طبيعة الاستكشاف عندها ، و الافتراس مثال لذلك ، فتنتظر الوقت الذي تتحرك فيه فرائسها و تنشط ، ومع ذلك فإن الكثير من قطط الشوارع لديها تنوع في فرائسها لأن هذه الفرائس تقضي أوقاتا طويلة تكون فيها نشطة في نفس الوقت .

و إن للبيئة تأثيرا علي معدل النشاط اليومي و الاستكشاف في القطط ، و البيئة هنا يقصد بها الشارع ، أو البيت بالنسبة للقطط التي يقتنيها الإنسان ، و لنأخذ من البحث عن الطعام نموذجا ، فالصنف الأول يتأثر نشاطه و فقا لتوافر الطعام في الشارع و حركة الفريسة ، و أما الصنف الثاني فهو مرهون بما يتاح له من صاحبه في المنزل ،
و خارج سياق الطعام ، فعلي صاحب المنزل مسؤليات أخري يجب أن يلتزم بها ، فحيث أنه يقتني هذا القط و يمنعه من ممارسة الحياة بالنمط الطبيعي ( فالقط له أن يعيش وسط أقرانه و يأكل الأكل الذي تأكله القطط بطبيعتها و غير ذلك من خصائص أي مجموعة حية لها سماتها و طريق معيشة) ، فأقل ما يكون لتلبية الحاجة الداخلية لممارسة سلوك الاستكشاف أن يوفر له أدوات اللعب ، و يضع نظاما للعب ، و يهيأ مكانا صالحا لممارسة الاستكشاف و الاختباء ، و أن يضع في متناوله أجهزة تخزين طعام لتثير انتباهه .

و مما يستفاد أن السعي نحو اكتشاف الأشياء و معرفة ماهيتها غريزة و فطرة يشترك فيها الحيوان و الإنسان ، فالطفل دائما ما تجذبه البيئة المحيطة به فيفكر و يتفكر فيها و يترجم ذلك إلي حركات و تصرفات ، ثم بعد ذلك إلي تساؤلات متي صار قادرا علي النطق و التعبير عما بداخله من خلال الكلمات ، علي أن الحيوان لا يملك تلك القدرة علي التعبير فكانت من هنا أهمية سلوك الحيوانات بالنسبة لهم ، و بالنسبة للإنسان ليفهمهم ، و هي تحتاج إلي كل إنسان لديه عقل ليسبح و يبحث خلف هذه الكائنات ليفهم كلامها و هي البكماء.

الخميس، 23 أبريل 2020

الحياة الجنسية في القطط



نتحدث في موضوعنا هذا عن ملامح الحياة الجنسية في فصيلة أخري من فصائل الحيوانات وهي القطط استكمالا لما بدأناه في الموضوع الفائت و الذي كان عن الكلاب .
و مما عرفناه سابقا أن هناك ما يعرف بفترة Heat و هي أهم فترة من فترات دورة الشياع أو الشبق ؛  ففيها تكون الشهوة و تقبل الأنثي الذكر ولا يمكن أن يحدث جماع في غيرها .


أما عن مناقشة الأمر من الناحية السلوكية التي هي مرآة لحالة داخلية محكومة بالهرمونات فنجد في القطة ارتفاع صوتها ، وفرط نشاطها ، و تواجد عدد من الذكور في محيط تواجدها ، و زيادة معدل تبولها، و رغبتها في مغادرة مكانها ، و ممارسة احتكاك بالأجسام الصلبة من خلال الأجزاء الخلفية لجسمها ، و رفع زيلها و ميلانه لأحد جانبي الجسم فضلا علي السماح للذكر بالاقتراب منها وجماعها.
ومن فرط تأثر الحالة السلوكية أنها لا تثتسني الإنسان ، إذ تصبح القطط في هذه الفترة عنيفة شرسة تجاهه.

و في أوقات الجماع يلاحظ الذكر ممسكا بقفا القطة مستعينا علي ذلك بأسنانه ، ولا يحدث الجماع مرة واحدة إذ هي غير كافية لتستحث عملية التبويض التي تتطلب تكرار الجماع . ومما يحدث وقت التزاوج بين القط و القطة هو صراخ الأخيرة ؛ ذلك أن العضو التناسلي للذكر يتميز بوجود أشواك اتجاهها للخلف وبينما يخرج العضو من القناة التناسلية للأنثي ، تحتك الأشواك بباطن المهبل مسببة ألما شديدا مصحوبا بالصراخ ، وسيكون لنا وقفة حول هذه النقطة في نهاية الموضوع .

وعلي ما يوجد في الحياة الجنسية من تشابهات بين فصائل الحيوانات إلا أن هذا لا يمنع تفرد كل فصيلة عن الأخري بسمة تجعلها في نطاق ما محلا للذكر دون سواها ، ومما تتميز به القطط أن فترة Heat  تتأثر مدتها بتواجد الذكر من عدمه فتكون فقط أربعة أيام إن كان موجودا ، و حوالي عشر أيام إن كان غائبا .و لئن كنا قد أشرنا لدور الجماع المتكرر في التبويض  فنزيد علي ذلك أن هذا  لوجود مستقبلات عند الفتحة التناسلية الأنثوية يثيرها الجماع ، و قد يحدث التبويض من غير جماع فإذا قفزت أنثي علي أنثي أو أثناء مشاجرة فيما بينهما يكون هذا محفزا للتبويض عبر مستقبلات مشابهة موجودة في المنطقة القطنية من الظهر ، وأما التفرد الأغرب للقطط أنها قد تحمل من أكثر من ذكر ؛ إذ من الممكن أن يجتمع علي جماعها أكثر من ذكر ، و الأشد غرابة أن هذا يحدث دونما تشاجر فيما بين الذكور ، وأمام هذا السلوك لا يعرف المرء هل يتفاعل مع هذا بالدهشة أم بالاحترام.


و عودة لما أرجئنا الحديث عنه بخصوص صراخ القطة وقت الجماع نريد أن نعلق علي مقولة موجودة في تراث الأمثال الشعبية وهي "مفضوح فضيحة القطط " و جذور هذه المقولة مرتبطة بموضوع اليوم ؛ فالقطط أثناء الجماع تلفت أنظار الناس إليها من خلال صراخها فاعتاد الناس اسقاط ذاك علي واقعهم و صارت القطط مضربا للمثل في ذياع صيت معلومة أو فضيحة ما بعد أن أصبحت مكشوفة للناس بصرف النظر عن مضمون الفضيحة ، وهذا مما يعد تؤثرا بما عرفناه عن الحيوانات.

الثلاثاء، 21 أبريل 2020

الحياة الجنسية في الكلاب.


في البداية تجب الإشارة إلي أن الحياة الجنسية في الإنسان أو الحيوان ليست قاصرة علي لحظة الاستجابة للغريزة الداخلية لكن هذه اللحظة تمثل ما يشبه المشهد الأخير في الأعمال الفنية أو الغلاف الموجود علي كتاب معبرا عما بداخه ، و الحياة الجنسية هي في حقيقتها منظومة متكاملة يعبر عنها بما يلاحظ علي الأفراد من سلوك خاصة المرحلة التي تشهد حاجة الفرد إلي إشباع رغبته بالجماع  وكذلك الجماع ذاته فكلاهما أكثر ما يؤثر في سلوك الحيوان إذا ما قورن ببقية حلقات المنظومة مثل البلوغ و النضوج الجنسي .

و سنحاول في هذا الموضوع  دراسة السلوك الجنسي عند الحيوانات خاصة الكلاب ، أما غيرها من الحيوانات سيكون لها موضوعات منفصلة.

يوجد عند الحيوانات ما يسمي دورة الشبق أو الشياع و هي عدة مراحل أهمها فترة heat التي تتميز بالشهوة الجنسية للأنثي ولا يمكن للأنثي أن تقبل الذكر في غير هذه الفترة ولها انعكاسات غاية في الأهمية علي سلوك الأنثي ومنها :

- تسبق هذه الفترة أولا بنزيف دموي من المهبل.
- زيادة الاهتمام بين الذكر و الأنثي في هذه الفترة و انجذابهما لبعضهما حتي إن من علاماتها ارتفاع صوت الأنثي بصورة مزعجة وكأنها تريد لفت انتباه الذكر تجاهها.
- عصبية شديدة.
- تحريك الزيل من مكانه ليصبح علي أحد جانبي الجسم.
- ربما تقوم الأنثي بالقفز علي الذكر إذا كان قليل الخبرة.

وأهم ما يستخدمه الذكر للتعرف علي الأنثي و هي في هذه الحالة حاسة الشم فيقوم بشم كامل جسمها خاصة المنطقة التناسلية ، و تكون الخطوة التالية الجماع. و الجماع أيضا هو أحد أجزاء المنظومة الجنسية التي لها تأثير علي سلوك الحيوان مما لايترك أي مساحة للشك علي أن ما يراه الفرد أمامه هو جماع وليس أدل علي ذلك من وضعية تسمي " Tail to tail " و هي معروفة لمن يقتني كلابا أو حتي مما يري علي الكلاب في الشوارع.

هذه الوضعية نري فيها تلامس مؤخرة جسد الذكر مع مؤخرة جسد الأنثي ويرجع ذلك لأنه وأثناء الجماع يمتلئ العضو الذكري للكلب بالدم مما يضخم حجمه ، و يتأخر خروج الدم منه بعد نهاية مهمته بسبب انقباض العضلات الموجودة عند قاعدة العضو الذكري ، و أما من ناحية الأنثي فإن عضلات الفتحة التناسلية تكون منقبضة ، هذه الظروف مجتمعة تجعل خروج العضو الذكري من جسد الأنثي مستحيلا لفترة ما إلي حين حدوث العكس ، فالعضو الذكري المنتفخ بالدم يحدث له انقباض و الفتحة التناسلية التي كانت منقبضة و بالتالي تغلق علي العضو الذكري تصبح مرتخية و تنفك العقدة و يحدث الانفصال، و تستمر هذه الوضعية مدة تتراوح من عشرة دقائق إلي نصف ساعة.
و الجماع عند الكلاب له مرحلتان بينهما " ترانزيت " ، المرحلة الأولي من دقيقة واحدة إلي دقيقتين و فيها يدخل الذكر عضوه في الأنثي و يضع المني . وأما مرحلة  "الترانزيت " ففيها ينزل الذكر من علي ظهر الأنثي تاركا إحدي أرجله الخلفية علي المنطقة الخلفية من جسمها و يدير ظهره لها تمهيدا للمرحلة الثانية التي تشهد وضعية التلاصق التي أشرنا لها و يكون فيها كامل الأرجل علي الأرض ويستكمل فيها إفراز المني حتي يصل الرحم .

و سواء حدث حمل بعد الجماع أو لم يحدث فإن الأنثي لايمكن أن تقبل الذكر بعد انتهاء فترة  Heat  منتظرة دورة شبق جديدة.

و إذا كان هناك تماثلا بين مجتمع الإنسان و مجتمع الحيوان فإننا نري أنه في الحياة الجنسية أوضح ، فالحيوانات تتدهور نفسيتها إن لم تقابل شهوتها بجماع و لعل ذلك واضح بالحيوانات المنزلية لأن كثير منها يقتني بصورة فردية علي عكس الحيوانات التي تعيش في صورة قطيع تكون علي إشباع رغبتها  أقدر.

الخميس، 9 أبريل 2020

حب السيطرة في الحيوانات و تأثيرها علي العلاقة مع الإنسان .



العلاقة بين الإنسان الذي يمتلك حيوانا أليفا و بين هذا الحيوان إنما ينبغي أن تكون منزهة عن أي شائبة ؛ ذلك أنها ليست علاقة اضطرارية ، إلا أنه في بعض الأحيان قد يصيبها ما يعكر صفوها ، و مشكلة كهذه لا شك أننا سنجد فيها بصمة للإنسان و نشير هنا تحديدا إلي إحدي الدراسات العلمية و التي حملت إسم نظرية الهيمنة.
هذه الدراسة أجريت علي مجموعة من الذئاب و توصلت إلي وجود نزعة للهيمنة و ميول للسيطرة عند المجموعة التي شملتها الدراسة و تم إسقاط نتائج الدراسة علي واقع الكلاب و التي قد تصير عدوانية للحصول علي مكانة أعلي في بيئتها ، لكن ما تأثير ذلك علي علاقة الإنسان بالحيوان ؟
هذه الدراسة إنتشرت علي نطاق واسع ما وضع مالكي الحيوانات في موقف مضاد لهم و صاروا يعتقدون أن حيواناتهم تبحث لها عن مكانة أعلي حتي إن بعض الناس ظنوا أن حيواناتهم تحتقرهم بل إن هذا الأمر فرض علي بعض الناس أن يستخدموا طرقا للتحكم في هذه المشكلة ما أدي الي إثارة الحيوانات و زاد الطين بلة .
و للتوضيح أكثر سنسرد هنا مجموعة من الشكاوي التي كانت تحضر في ذهن الناس و تتردد علي ألسنتهم وقت أن كانت هذه الدراسة حاضرة و مؤثرة ؛ لندرك حجم الهوة بين ما يصدر عن الحيوان و بين التفسير الصادر عن صاحبه , ومن ذلك شكاوي بعض الناس من أن حيواناتهم تكرههم لا لشئ إلا لمجرد لأن تلك الحيوانات تصدر أصواتا مزعجة  و واقع الأمر أن هذا يرجع لمخاوف داخلية لديهم لذلك يرفعون أصواتهم محاولين الدفاع عن أنفسهم ، و آخرون ظنوا أن حيواناتهم تتعالي عليهم لمجرد أنه يحاول الهروب منه أثناء قيامه بتمشيط شعر حيوانه ، بينما يرجع السبب في ذلك إلي أننا أثناء التعامل مع الحيوان قد نشكل عبئا عليه فيصير متضايقا و محتاجا لوضعية أكثر راحة، و مما إنتشر أيضا أن الناس وجدوا في الحيوانات تكبرا بعد أن لاحظوا رفضهم  لأوامرهم و هذا مرده إلي عدم فهم الحيوانات لما يطلب منها ، و من الصفات التي كان يراها أصحاب الحيوانات واضحة جدا هي حب السيطرة و الهيمنة و استدلوا علي ذلك بأنهم لاحظوا أن الكلاب تميل للمشي أمامهم ، و يرجع هذا لكونها لا تحتمل قدرا كبيرا من التقييد و كان مما يتخذه مربو الكلاب دعما لرأيهم حول تكبر الكلاب أنهم ينبحون إن طلب منهم أن يجلسوا و حتي هذا مردود عليه إذ أن السبب في ذلك  احتياج أو قصور في التدريب ،
 و مما أثار حفيظتهم أيضا ما رأوه مقاومة لهم من الكلاب حين يقدمون علي معاقبتهم إن استخدموا أشياء ليست مخصصة لهم لكن الذي يدفع الكلاب لذلك هو الخوف.
و لئن أردنا أن نجمل أثر نظرية الهيمنة سنجد أمامنا سببين إثنين جعلا لها أثرها:
الأول هو عدم صحة تفسير  صاحب الحيوان لما يصدر عنه من سلوك و الثاني عدم صحة ما يتوقعه المربي بخصوص سلوك الحيوان.
 و نود أن نشير إلي منشأ القصور في نظرية الهيمنة لكي تؤدي إلي مثل هذه التقلبات:
- الدراسة قد كانت قصيرة المدي و شملت فقط %1 من الذئاب.
- استنتاجات و ملاحظات الدراسة اعتمدت علي معلومات خاطئة تم تعميمها علي الكلاب متجاهلة خمسة عشر قرنا من استئناس الكلاب ثم تعميمها علي علاقة الانسان بالحيوان .
- ترجمة بعض الملاحظات علي الحيوان إلي مفاهيم خاطئة ، فمثلا بعض الذئاب كانت تأخذ وضعية ما علي الأرض كجزء من سلوكها  للمهادنة كي تتجنب الصدام مع ما هو أعلي منها .

ومن هنا يتضح لنا أن بعض الدراسات العلمية قد تكون سببا في تغيير نظرة الإنسان إلي الكائنات  من حوله و رأينا في المثال السابق كيف تغيرت نظرة الناس الذين اقتنوا الحيوانات طواعية إلي ما يشبه حالة من  الكراهيةو التربص بل زادت إلي التخوف من سطوة الحيوانات عليهم.

الأشعارات
هنا تقوم بوضع الأشعارات
حسناً