حاسة الشم في القطط. - ترقية

الأحد، 12 أبريل 2020

حاسة الشم في القطط.



تكلمنا في الحلقة الأولي من هذه السلسلة عن شئ من أوجه الإبداع في حاسة الشم لدي الكلاب ، لكن لا يتوقف الأمر عند الكلاب فقط ؛ فهذه هي القطط تزيدنا إعجابا بأهمية الشم في حياتها و ليس أدل علي ذلك من كونها مضرب المثل في هذه النقطة ، ولعل جميعنا سمع قبل ذلك المقولة الشعبية " شمام مثل القطط " .

ومقارنة بالإنسان فإن القطط تتميز بنسيج مبطن للجزء الشمي من الأنف يبلغ من خمسة إلي عشر أضعاف نظيره في البشر .

و لكن ما الذي يحدث حين تتعرض القطة لرائحة من نظرائها القطط؟ وكيف تتم ترجمة هذه الروائح؟
حين يدرك قط رائحة -مصدرها قط آخر-فإنها تظهر ما يسمي "flehmen response"  و فيها يقوم الحيوان بفتح فمه لبضع ثوان بينما تكون الشفاة العلوية مقلوبة للخلف ما يسمح للرائحة أن تصل للجهاز العصبي الأنفي و هو بدوره متصل بمركز العاطفة في المخ ، وكون هذا يغلب حدوثه بعد شم  روائح مصدرها قطط أيضا ، فيمكن أن نعتبر أن قدرات القطط في الشم تكون أوضحها في حياتها الاجتماعية ، ولكن كيف ذلك؟
لكل قطة رائحة خاصة بها تفرز من غدد موجودة في منطقة الذقن و بداية الزيل و الزوايتين الموجودتين بين الشفتين و الأقدام ، و حيث أن القطط غريزيا تقوم بلحس جسدها ، فإن الرائحة تصبح موجودة علي سطح الجسم و تكون بذلك متميزة عن غيرها ،
حسنا ، وماذا بعد؟
و اعتمادا علي ذلك تقوم القطط التي تعيش مع بعضها كمجموعة بالقيام بالتلامس و الاحتكاك عبر أجسادهم -التي تحمل رائحة مميزة لكل واحد علي حدة- محاولين بذلك خلق رائحة مشتركة بينهم جميعا لتساعدهم في التعرف علي بعضهم البعض و من ثم يصير غريبا عنهم كل الذي لايحمل هذه الرائحة المشتركة و هذا ما يحدث بالفعل عندما تؤخذ القطة للطبيب و يفحصها بيديه فإذا بالرائحة تختفي من جسمها بعد أن يلامسها ، فلما تعود لمجموعتها فيما بعد تصبح مرفوضة فيما بينهم .

و تتشابه القطط الي حد بعيد مع الكلاب في نقطة استخدام رائحتها المميزة لحماية منطقة سيطرتها ؛ إذ تقوم بحك جسمها مع أية أجسام صلبة موجودة في بيئتها ما يحفز الغدد لافراز محتواها من الروائح ، و بذلك تكون مثل هذه الاماكن قد تميزت برائحة القط المسيطر عليها.
كما يمكن أيضا استخدام البول لمثل هذه الأغراض ، و من جهة  أخري تلفت الروائح انتباه الذكور حالة ما يطلب الزواج من قبل الإناث.
و البراز أيضا يمكن استخدامه عند حدود الأماكن لإثبات بصمتها ، لكنه نادرا مايستخدم و غالبه يكون في الطرقات.

ومن دور حاسة الشم في البيئة الاجتماعية ننتقل إلي زاوية أخري من حياة شركائنا في الأرض لنلمح جانبا من أهمية الشم و علاقته بممارسة عاطفة الأمومة لدي القطط .
نشير أولا الي أن عاطفة الأمومة أقوي ما تكون في القطط ، لكنها قد تأكل أولادها في بعض الاحيان، نعم تاكلهم ....
لكن ليس تجردا من أمومتها ولا هربا من مسؤوليتها ، هي فقط لم تعد تجد في بعض منهم الرائحة التي تعرفها فتظن أن هناك غرباء بين أبنائها الرضع فتاكل من تظنه غريبا بينهم ، و توجد أسباب أخري لظاهرة أكل الصغار عند القطط لكن ليس محلها الآن.


و اذا ألقينا نظرة علي حياة الآدميين و مجتمعاتهم نجد أن من يكون شاذا في بعض خصاله أو سلوكه أو حتي شكله - وهذا الشذوذ في الطبع أو الشكل في عالم الناس يقابله شذوذ الرائحة في عالم القطط - قد ينظر إليه من الكثيرين نظرة استغراب و أحيانا يهرب منه بعض الناس أو يرونه غامضا ، و بذلك نكون قد وجدنا عاملا مشتركا بين مجتمع الإنسان و مجتع الحيوان في هذه النقطة.

لا تنسى مشاركة هذا المقال!

أعط رأيك حول هذا المقال

الأشعارات
هنا تقوم بوضع الأشعارات
حسناً