من صور الاعتماد علي النفس : " لحس الشعر " في القطط. - ترقية

الأحد، 19 أبريل 2020

من صور الاعتماد علي النفس : " لحس الشعر " في القطط.




من المؤكد أن كل سلوك يقوم به الحيوان له دوافعه الداخلية ولا يمكن أبدا أن يكون عشوائيا ، وهذه الدوافع و الأسباب هي نتيجة احتياجات داخلية لدي الحيوان و من أوضح الأمثلة علي ذلك لحس القطط لشعرها .
ونحن الآن بصدد مناقشته كسلوك تقوم به القطط علي مدار اليوم ، حتي أن بعض الدراسات ذهبت إلي أن هذا السلوك يشكل نصف الوقت الذي تقضيه القطة يقظة و أن هذا من عظيم شأنه و مما يستوجب تسليط الضوء عليه .


هذه العادة هي معروفة لعامة المربيين و غيرهم ممن يكثر اختلاطهم بالقطط ، لكن ثمة فارقا بين نظرة سطحية لا تثير شغفا و لا تنبه عقلا ، وبين نظرة عميقة تجذب العين و تداعب القلب وتعمل العقل فتكون ثمرة تجذب الكتاب و القراء.

و التصرف هذا " مكتسب " تأخذه القطط عن أمهاتها ، فبعد الولادة تقوم الأم بلحس أجساد صغارها بغية إكسابهم شيئا من رائحتها ليسهل التعرف عليهم - وأشرنا إلي هذا في موضوع سابق عن حاسة الشم - و من جهة أخري فإنها تهدف إلي تدريبهم علي ممارسة هذا السلوك فيما بعد بمفردهم و غالبا ما يشهد الأسبوع الثاني انتهاء مساعدة الأم لصفارها. و هذه الفترة مهمة لاكتساب هذا السلوك إذ أن الذي يخرج منها دون قدر كاف من الخبرة لا يمكنه ممارسة هذا النشاط فيما بعد.

و " لحس" الشعر بالنسبة للقطط يشبه ما نقوم به نحن البشر من تمشيط للشعر و تهذيبه و هذا من أوجه التشابه بين طبائع الانسان و طبائع الحيوان ، و هذا السلوك يضمن لهم المحافظة علي الجلد سليما و إعطاء مظهر جميل للفراء.

و يشكل أيضا هذا السلوك ضرورة للتخلص من الشعر المفصول عن فروة الرأس بدلا من تراكمه .

و إن مما يتبادر إلي الذهن بناء علي ما سبق أن ينظر للسان علي أنه فرشاة أو أداة تمشيط فيستدعي معه مزيدا من السرد لفوائد هذه الأداة و منها أن تمشيط الشعر عبر اللسان هو مما يلجأ إليه للتخلص من الطفيليلت الخارجية (الحشرات) العالقة بالشعر و الجلد .

وهذا السلوك ينبغي أن يحسب كصورة من صور التكيف مع ظروف المناخ فهو وسيلة لتلطيف درجة حرارة الجسم ، و هو بذلك يناظر سلوك اللهث عند الكلاب.

و مع سرد المنافع السابقة يتبقي لنا مثالا يعد ذروة استغلال سلوك " اللحس " لدي القطط و ما ذلك إلا لأنه يمارس في ظروف صعبة فتكون له القدرة علي مغالبة هذه الظروف علي بساطته  ففي حال تعرض القطط لأي مصدر إزعاج أو خوف أو قلق أو ةقوعها تحت أي ضغط - وهو ما يعرف ب stress - تستغني القطط عما تفعله متجهة لممارسة عادتها المستحبة ممثلة في اللحس، و في هذا المثال تحديدا يصنف سلوك اللحس علي أنه سلوك " مهدئ " .


ولا يتوقف هذا النموذج من سلوكيات القطط عند حد اعتباره من أوجه التكيف ، بل إنه يحمل في ذاته وجوها أخري لقدرة الحيوانات علي استغلال إمكاناتها فنري القط يستخدم أقدامه الأمامية والخلفية بديلا عن لسانه للوصول لأجزاء الجسد التي لا يصلها اللسان أو الأسنان ومنها الرأس و الوجه والرقبة و الأذن ، لكن عليه أولا أن يبلل أطراف الأقدام باللعاب من فمه و كأن ثمة سر في اللعاب!

اللعاب هو السائل الذي يبلل الشعر فيسهل تمشيطه و جمع المنفصل منه عن فروة الرأس ، و هو الذي يحتاجه الجلد فيحفظ له رطوبته وهو الذي تحتاجه الأجسام لتلطيف حرارتها النابعة من حرارة الجو او الناتجة بفعل Stress ، وهو الذي يحوي  الروائح المفرزة من غدد خاصة بها فيحمل للشعر الرائحة المميزة لصاحبه .


ولا ينبغي أن يفوتنا النظر لهذا السلوك علي أنه من أوجه الاعتماد علي النفس ما يدفعنا إلي إعطاء هذه الحيوانات قدرها المستحق علي الأقل من وجهة نظر التوازن البيئي و ليس كما يعتقد الكثير من الناس أنها مخلوقات بلا وزن .

لا تنسى مشاركة هذا المقال!

أعط رأيك حول هذا المقال

الأشعارات
هنا تقوم بوضع الأشعارات
حسناً